الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل

          1735- الثَّاني: عن عُبيد الله بنِ عبد الله بنِ عتبة بنِ مسعود عن أبي سعيدٍ قال: حدَّثنا رسول الله صلعم حديثاً طويلاً عن الدَّجَّال، فكان فيما حدَّثنا به أنْ قال: «يأتي الدَّجَّالُ وهو مُحَرَّمٌ عليه أن يدخُل نِقَاب المدينة، فينتهِي إلى بعض السِّباخ الَّتي بالمدينة، فيخرجُ إليه يومئذٍ رجلٌ هو خير النَّاس _أو من خيرِ النَّاس_ فيقول: أشهد أنَّك الدَّجَّال الَّذي حدَّثنا عنك رسول الله صلعم حديثَه، فيقول الدَّجَّال: أرأيتَ! إنْ قتلتُ هذا ثمَّ أحيَيْته، هل تَشُكُّونَ في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتُله ثمَّ يحيِيه، فيقول حين يحيِيه: والله ما كنتُ قطُّ أشدَّ بصيرةً منِّي اليوم، فيقول الدَّجَّال: أقتُلُه، ولا يُسَلَّطُ عليه». [خ¦1882]
          وأخرجه مسلمٌ أيضاً بنحوِ معناه، وفيه زيادةُ ألفاظٍ من حديثِ أبي الوَدَّاك عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ قال: قال رسول الله صلعم: «يخرجُ الدَّجَّال فيتوجَّه قِبَلَهُ رجلٌ من المؤمِنين، فتلقَّاهُ المسالِحُ(1) مسالحُ الدَّجَّال، فيقولون لَه: أينَ تعمِدُ؟ فيقول: أعمِد إلى هذا الَّذي خرج، قال: فيقولون له: أوَ ما تُؤمنُ بربِّنا؟ فيقول: ما بربِّنا خفاءٌ، فيقولون: اقتلوه، فيقول بعضهم لبعضٍ: أليسَ نهاكم / ربُّكم أن تقتلوا أحداً دونه، قال: فينطلقون به إلى الدَّجَّال، فإذا رآه المؤمن قال: يا أيُّها النَّاس؛ هذا الدَّجَّال الَّذي ذكرَ رسول الله صلعم، قال: فيأمرُ الدَّجَّالُ به فيُشبَح(2)، فيقول: خُذوه وشُجُّوه، فيُوسَعُ ظهرُه وبطنُه ضرْباً، قال: فيقول: أما تؤمنُ بي؟ قال: فيقول: أنت المسيحُ الكذَّاب، قال: فيُؤمرُ به فيُؤْشَر بالمِئْشار من مَفرِقه(3) حتَّى يُفْرَقَ بين رجليه، قال: ثمَّ يمشي الدَّجَّال بيْن القطعتين، قال: ثمَّ يقول له: قُمْ، فيستوي قائماً.
          قال: ثم يقول له: أتؤمنُ بي؟ فيقول: ما ازْدَدتُ فيك إلَّا بصيرةً.
          قال: ثمَّ يقول: يا أيَّها النَّاس؛ إنَّه لا يفعل بعدي بأحدٍ من النَّاس.
          قال: فيأخذه الدَّجَّال ليذبَحَه، فيُجعَلُ ما بين رقَبته إلى تَرْقُوَته(4) نُحاساً، فلا يستطيع إليه سبيلاً. قال: فيَأخُذ بيديه ورجلَيْه فيَقذفُ به، فيَحسَب النَّاسُ أنَّما قذَفهُ إلى النَّار، وإنَّما أُلقِيَ في الجنَّة، فقال رسول الله صلعم: هذا أعظمُ النَّاس شهادةً عند ربِّ العالمين».


[1] المسالحُ: الحُرَّاس.
[2] نقل النووي فيها وفي (شجوه) ثلاث لغات، وأنّه عند الحميدي: (فيُشج) (وشبِّحوه).«شرح مسلم» 18/73.
[3] المفارقُ: مَفارقُ الرأس، واحدها: مَفرِق.
[4] التَّرقُوَة: العظمُ المُشرِف في أعلى الصَّدر، وهما تَرْقُوَتان.