الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: بعثنا رسول الله ونحن ثلاث مئة راكب

          1567- الرَّابع والأربعون: عن عمرو بن دينار عن جابرِ بنِ عبدِ الله قال: «بعثَنا رسولُ الله صلعم ونحن ثلاثُ مئة راكبٍ، وأميرُنا أبو عبيدة بن الجرَّاح نرصُدُ عِيراً(1) لقريش، فأقمنا بالسَّاحل نصفَ شهرٍ، فأصابنا جوعٌ شديدٌ، حتَّى أكلنا الخَبَط(2)، فسُمِّي جيشَ الخَبَط، فأَلقى لنا البحرُ دابَّةً يقال لها: العنبر، فأكلنا منها نصفَ شهرٍ وادَّهنَّا من وَدَكِها حتَّى ثابَت(3) أجسامُنا.
          قال: وأخذ أبو / عبيدةَ ضِلَعاً من أضلاعه فنصبه، ثمَّ نظر إلى أطولِ رجلٍ في الجيش وأطولِ جملٍ، فحمله عليه، فمرَّ تحتَه، قال: وجلس في حَـِجَاج عينه(4) نفرٌ، قال: وأخرجنا من عينه كذا وكذا قُلَّةَ وَدَكٍ.
          قال: وكان معنا جِرابٌ من تمرٍ، فكان أبو عبيدةَ يعطي كلَّ رجلٍ مِنَّا قبضةً قبضةً، ثمَّ أعطانا تَمرةً تَمرةً، فلمَّا فَنِيَ وجدنا فَقْدَه». اللَّفظُ لحديث عبد الجبار بن العلاء عن سفيانَ، وهو أتمُّ. [خ¦4361]
          ومن روايته ورواية عبد الله بن محمَّد عن سفيانَ: أنَّ جابراً قال: «وكان فينا رجلٌ، فلمَّا اشتدَّ الجوع نحر ثلاث جزائرَ(5)، ثمَّ ثلاث جزائرَ، ثمَّ نهاه أبو عبيدةَ». [خ¦5494]
          وفي حديث مسدَّد عن يحيى القطان: «فألقى البحرُ حوتاً مَيْتاً لم نَرَ مثلَه!». [خ¦4362]
          وأخرجاه من حديث أبي نعيم وهب بن كيسان عن جابر بنحوٍ منه.
          وفي حديث هشام بن عروةَ ومالك بن أنس والوليد بن كثير عن وهب: «فأكلَ منها الجيشُ ثمانَ عشرةَ ليلةً». زاد في حديث هشام بن عروة: «ونحن ثلاثُ مئةٍ نحملُ زادنا على رِقابنا». [خ¦2483]
          وأخرجه مسلم من حديث عبيد الله بن مِقْسَم عن جابرٍ قال: «بعث رسول الله / صلعم بَعْثاً إلى أرض جُهَينة واستعمل عليهم رجلاً». لم يذكر مسلم من حديث ابن مِقسَم غيرَ هذا، ثمَّ أدرجه على ما قبلَه من الأحاديث الَّتي فيها ذكرُ الدَّابَّة الَّتي يقال لها: العنبر، فقال: بنحو حديثهم.
          وأخرجه أيضاً من حديث زهير عن أبي الزُّبير بطوله عن جابرٍ قال: «بعثَنا رسول الله صلعم وأمَّر علينا أبا عبيدة نتلقَّى عِيراً لقريش، وزوَّدَنا جِراباً من تَمرٍ لم يجد لنا غيرَه، فكان أبو عبيدة يعطينا تَمرةً تَمرةً...».
          والحديث مذكورٌ بطوله في مسند أبي عبيدة، وفيه زيادةُ لفظةٍ من قول أبي عبيدة فيه: «نحن رسُلُ رسولِ الله صلعم».


[1] العِير: الإبل التي تحمل المِيرَة.
[2] الخَبَط: ما سقط من ورق الشجر بعد خبْطِها بالعصا.
[3] ثابَتْ: أي رجعت قوتها.
[4] حَجَاج العين: العظم المستدير حول العين.
[5] الجزور: ما قُصِد به الذبح، وجمعها جزائر.