الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: قضى النبي بالعمرى لمن وهبت له

          1529- السَّادس: عن أبي سلمةَ عن جابرٍ قال: «قضى النَّبيُ صلعم بالعُمْرى لِمَن وُهِبَت له». [خ¦2625]
          وفي حديث مالك عن ابن شهاب: «أيُّما رجلٍ أَعْمَرَ عُمْرَى(1) له ولِعَقِبِهِ(2)، فإنَّها للَّذي أُعطيَها، لا ترجعُ إلى الَّذي أعطاها؛ لأنَّه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريثُ».
          وفي رواية اللَّيث عن الزهريِّ: «مَن أَعْمَرَ رجلاً عُمْرَى له ولعَقِبِه، فقد قطعَ قولُه حقَّه فيها، وهي لِمَن أُعْمِرَ وعَقِبِه».
          وفي حديث معمرٍ عن الزُّهريِّ عن أبي سلمةَ عن جابرٍ قال: «إنَّما العُمْرى الَّتي أجازَ رسولُ الله صلعم أن يقولَ: هي لكَ ولعَقِبك، فأمَّا إذا قال: هي لكَ ما عِشْتَ؛ فإنَّها ترجِعُ إلى صاحبها».
          قال معمرٌ: وكان الزُّهريِّ يُفتي به. /
          وفي رواية ابن أبي ذئبٍ عن الزهريِّ: «أنَّ رسولَ الله صلعم قضى فيمَن أُعْمِرَ عُمْرَى له ولعَقِبِه، فهي له بَتْلةً(3)، لا يجوز للمُعطي فيها شرطٌ ولا ثُنْيَا».
          وأخرجاه من حديث عطاء بن أبي رباح عن جابرٍ أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «العُمْرَى جائزةٌ». [خ¦2626]
          وعند مسلم أيضاً فيه في روايته من طريقِ خالد بن الحارث أنَّ النَّبيَّ صلعم قال: «العُمْرَى ميراثٌ لأهلِها».
          وأخرجه مسلم أيضاً من رواية أبي خيثمةَ زهير بنِ معاويةَ عن أبي الزُّبيرِ عن جابرٍ قال: قال رسول الله صلعم: «أمسِكُوا عليكُم أموالَكم ولا تفسدُوها، فإنَّه مَن أَعْمَرَ عُمْرَى فهي للَّذي أُعمِرَها حيَّاً وميتاً، ولعَقِبِه».
          وفي حديث سفيانَ وحجَّاج بن أبي عثمانَ وأيوبَ، كلُّهم عن أبي الزُّبير عن جابرٍ بمعنى حديث زهير، وأوَّل حديث أيُّوب: «جعل الأنصار يُعمِرون المهاجرينَ، فقال رسول الله صلعم: أَمسِكُوا عليكُم أموالَكم».
          وفي رواية ابن جُريجٍ عن أبي الزُّبير قال: أَعْمَرتِ امرأةٌ بالمدينة حائطاً لها ابناً لها، ثمَّ توفِّي وتوفِّيت بعده، وترك ولداً وله إخوةٌ بنونَ للمُعْمِرة، فقال ولد / المُعْمِرة: رجعَ الحائطُ إلينا، وقال بنو المُعْمَر: بل كان لأبينا حياتَه وموتَه، فاختصموا إلى طارقٍ مَولى عثمانَ، فدعا جابراً «فشهد على رسول الله صلعم بالعُمْرَى لصاحبِها». فقضى بذلك طارقٌ، ثمَّ كتب إلى عبد الملك فأخبره بذلك، وأخبره بشهادة جابر، فقال عبد الملك: صدَقَ جابرٌ، فأمضَى ذلك طارقٌ، فإنَّ ذلك الحائطَ لبني المُعْمَر حتَّى اليوم.
          وأخرجه مسلم أيضاً من حديث سليمانَ بن يسار: أنَّ طارقاً قضى بالعُمْرَى للوارِثِ(4) ؛ لقول جابر عن رسول الله صلعم.
          وليس لسليمانَ عن جابرٍ في الصَّحيحين غيرُ هذا.


[1] العُمْرَى في العطايا أن يقولَ الرجل لعاقِبه: قد أعطيتكَ هذه الدار عُمُرَكَ أو عمرِي، وفيها يقول القائل:
~...........................وما المالُ إلا مُعْمَرَاتٌ ودائعُ
[2] عَقِبُ الرَّجُل: ولده وولد ولده، وقيل: بل الورثة كلُّهم عَقِبٌ والأول أصح، قاله ابن فارس وغيره، عَقِبُ القَدَم: مؤَخَّرُها وقد تقدَّم [انظر الرقم ░2939▒].
[3] أي قطعاً.انظر «لسان العرب» (بتل).
[4] في (ابن الصلاح) و(ق): (للمواريث)، وما أثبتناه من (غ) موافق لنسختنا من رواية مسلم.