الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: إن هذا اخترط علي سيفي وأنا نائم

          1527- الرَّابع: عن سنانِ بن أبي سنانٍ الدُّؤليِّ(1) وأبي سلمةَ عن جابرٍ: «أنَّه غزا مع رسول الله صلعم قِبَلَ نجدٍ،فلمَّا قَفَلَ(2) رسول الله صلعم قَفَلَ معه، فأدركتْهُم القائلةُ في وادٍ كثير العِضَاهِ(3)، فنزل رسول الله صلعم وتفرَّق النَّاسُ يستظِلُّون بالشَّجر، فنزل رسول الله صلعم تحت سَمُرة، فعلَّق بها سيفه، ونِمْنَا نَومَةً، فإذا رسول الله صلعم يدعونا، وإذا عنده أعرابيٌّ، فقال: إنَّ هذا اخترَطَ عليَّ سيفي(4) وأنا نائمٌ، فاستيقظتُ وهو في يده صَلْتاً، فقال: مَن يمنعُك منِّي؟ / فقلت: الله! ثلاثاً(5)، ولم يعاقبه، وجلس». [خ¦2910]
          قال البخاريُّ: وقال أَبانُ عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمةَ عن جابر قال: «كنَّا مع النَّبيِّ صلعم بذات الرِّقاع، فإذا أتينا على شجرةٍ ظَليلةٍ تركناها للنَّبيِّ صلعم، فجاء رجلٌ من المشركين وسيفُ رسول الله صلعم معلَّقٌ بالشَّجرة، فاخترطَه فقال: تخافُني؟ فقال: لا.
          فقال: فمَن يمنعُك منِّي؟ فقال: الله. فتهدَّده أصحابُ النَّبيِّ صلعم. وأقيمت الصَّلاة، فصلَّى بطائفةٍ ركعتين، ثمَّ تأخَّروا، وصلَّى بالطَّائفة الأخرى ركعتين، فكان للنَّبيِّ صلعم أربعٌ، وللقوم ركعتان». [خ¦4136]
          وأوَّل حديث أبانَ في رواية عفَّانَ عنه: «أقبلنا مع رسول الله صلعم، حتَّى إذا كنَّا بذات الرِّقاع...».
          قال البخاريُّ: وقال مسدَّد عن أبي عَوانةَ عن أبي بِشرٍ: اسمُ الرَّجل غَوْرَثُ بن الحارث، وقاتلَ فيها محارِبَ خَصَفَةَ. لم يزد البخاريُّ على هذا.
          وقد ذكر أبو بكرٍ الإسماعيليُّ متنَه من حديث أبي عَوانةَ عن أبي بِشرٍ عن / سليمانَ بن قيس _هو اليَشكريُّ والدُ فُلَيح بن سليمانَ_ عن جابرٍ قال: «قاتل رسول الله صلعم محاربَ خَصَفَةَ بنخلٍ، فرأَوا من المسلمين غِرَّةً(6)، فجاء رجلٌ منهم يقال له: غَورَثُ بن الحارث حتَّى قام على رأسِ رسول الله صلعم بالسَّيف، فقال: من يمنعُك منِّي؟ قال: الله. فسقط السَّيفُ من يده، قال: فأخذ رسول الله صلعم السَّيفَ فقال: من يمنعُك منِّي؟ فقال: كُنْ خير آخِذٍ، فقال: تشهد أن لا إله إلَّا الله وأنِّي رسول الله؟ قال: لا؛ ولكن أُعاهدك على ألَّا أقاتلَك، ولا أكونَ مع قومٍ يقاتلونك، فخلَّى سبيلَه، فأتى أصحابَه فقال: جئتكم من عند خير النَّاس. ثمَّ ذكر صلاة الخوف، وأنَّه صلَّى أربع ركعاتٍ، بكلِّ طائفةٍ ركعتين».
          قال البخاريُّ في «التاريخ الكبير»: روى أبو بشر وقتادة والجعد أبو عثمان عن كتاب سليمان، ومات سليمان بن قيس قبل جابر بن عبد الله.
          قال البخاريُّ: وقال بكْر بن سَوادةَ: حدَّثني زيادُ بن نافع عن أبي موسى _وهو موسى بن علي_ أنَّ جابراً حدَّثهم قال: «صلَّى النَّبيُّ صلعم يومَ محاربٍ وثعلبةَ». [خ¦4126]
          لم يزد البخاريُّ على هذا. حذف المتن وهو: [[«أنَّه صلَّى صلاة الخوف يومَ محاربٍ وثعلبةَ؛ لكلِّ طائفةٍ ركعةً وسجدتين»]. كذا ذكر بعضهم فيما قاله أبو مسعود الدِّمشقي.
          وأخرج البخاريُّ حديث أبانَ تعليقاً.
          وأخرجه مسلم من رواية عفَّان عن أبانَ مدرَجاً على أحاديث الزُّهريِّ في ذلك قبله، وذكر منه أوَّله، ثمَّ قال: بمعنى حديث الزُّهريِّ، وليس في شيءٍ ممَّا قبلَه من الرِّواياتِ عن الزُّهريِّ ما في حديث أبانَ من صلاة الخوف، وعلِمنا ذلك / من إيراد البخاريِّ لذلك، ثمَّ وجدنا مسلِماً رحمه اللهُ قد أخرجَه بعينه متناً وإسناداً بطوله في الصَّلاة ولم يُدْرِجه، فصحَّ أنَّه عنى بـ(معناه): في البعض لا في الكلِّ وإن كانَ قد أَهمَلَ البيانَ.
          وقال البخاريُّ في كتابه في المغازي: وقال عبد الله بنُ(7) رجاءٍ: أخبرنا عمرانُ القطان عن يحيى ابن أبي كثير عن أبي سلمةَ عن جابرٍ: «أنَّ النَّبيَّ صلعم صلَّى بأصحابِه في الخوف في غزوة السَّابعة غزوةِ ذات الرِّقاع». لم يزد. [خ¦4125]
          وأخرجه مسلم بطوله، وفيه كيفيةُ الصَّلاة بنحو ما مَرَّ آنفاً، في حديث أبانَ عن يحيى.
          وأفرد مسلمٌ منه أيضاً صلاةَ الخوف، من رواية معاوية بن سلام عن يحيى.
          وأخرج البخاريُّ منه تعليقاً: ذكر صلاة الخوف فقال: قال ابن إسحاق: سمعت وهبَ بن كيسانَ سمعت جابراً قال: «خرجَ النَّبيُّ صلعم إلى ذات الرِّقاع من نخلٍ، فَلَقِيَ جَمعاً من غَطَفانَ فلم يكن قتالٌ، فأخافَ النَّاسُ بعضُهم بعضاً، فصلَّى النَّبيُّ صلعم ركعتي الخوف». [خ¦4127]


[1] في (ق): (الديلي) وكلاهما صواب، انظر «المشارق» 1/267.
[2] قَفَلَ المسافرُ: إذا أخذ في الرجوع والانصراف.
[3] العِضَاه: شجرٌ من شجرِ الشوك كالطَّلْح والعَوسَج.
[4] اخترطْتُ السَّيفَ: استخرجتُه من غمده.
[5] ليس في (ق) قوله: (ثلاثاً)، ورواه البخاري ومسلم عن سنان وأبي سلمة مفرقاً بالوجهين، لكن جاءت رواية البخاري ░2910▒ من طريق الزهري عنهما معاً بإثباتها، وهي الطريق التي ذكرها الحميدي.
[6] الغِرَّة: الغفلة.
[7] تحرَّفت في (ابن الصلاح) إلى: (بن أبي رجاء).