الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: أنه لقي زيد بن عمرو بن نفيل

          1423- الرَّابع عشر: عن موسى بن عُقبةَ عن سالمٍ عن ابن عمرَ: أنَّه كان يحدِّثُ عن رسول الله صلعم: «أنَّه لقيَ زيدَ بن عمرِو بن نُفَيل بأسفلِ بَلْدحَ، وذاك قبل أن ينزِلَ على رسول الله صلعم الوحيُ، فقدَّم إليه رسولُ الله صلعم سُفرةً فيها لحمٌ، فأبى أن يأكلَ منها، ثمَّ قال زيدٌ: إنِّي لا آكلُ ممَّا تذبَحون على أنصابِكم(1)، ولا آكلُ إلَّا مما ذُكِر اسمُ الله عليه». /
          زاد في رواية فُضَيلِ بن سليمانَ عن موسى: وأنَّ زيدَ بن عمرِو بن نُفيلٍ كان يَعيبُ على قريشٍ ذبائِحَهم، ويقول: الشَّاةُ خلَقَها الله، وأنزَل لها من السَّماءِ الماءَ، وأنبتَ لها من الأرضِ، ثمَّ أنتم تذبَحونها على غير اسمِ الله، إنكاراً لذلكَ وإعظاماً له.
          قال موسى: وحدَّثني سالمٌ ولا أعلمُه إلَّا يحدِّثُ به عن ابن عمرَ: أنَّ زيدَ بن عمرِو بن نُفيلٍ خرَج إلى الشَّام يسأل عن الدِّين ويبتَغيه؛ فلقي عالماً من اليهود، فسألَه عن دينِهم، فقال: إنِّي لعلِّي أن أدينَ دينَكم فأخبِروني، قال: لا تكونُ على ديننا حتَّى تأخُذَ بنصيبِك من غضبِ الله، قال زيدٌ: ما أفِرُّ إلَّا من غضب الله، ولا أحمِلُ من غضبِ الله شيئاً أبداً، وأنَّى أستطيعُه؟ فهل تدلُّني على غيرِه؟ قال: ما أعلمُه إلَّا أن يكونَ حنيفاً، قال زيدٌ: وما الحنيفُ؟ قال: دينُ إبراهيمَ، لم يكنْ يهوديَّاً ولا نَصرانيَّاً، ولا يعبدُ إلَّا الله.
          فخرَج زيدٌ فلقيَ عَالِماً من النَّصارى فذكرَ مثلَه، فقال: لن تكونَ على دينِنا حتَّى تأخذَ بنصيبِك من لعنةِ الله، قال: ما أفِرُّ إلَّا من لعنةِ الله، ولا أحملُ من لعنةِ الله ولا من غضبِه شيئاً أبداً، وأنَّى أستطيعُ؟ فهل تدلُّني على غيره؟ قال: ما أعلمُه إلَّا أن يكونَ حنيفاً(2)، قال: وما الحنيفُ؟ قال: دينُ إبراهيمَ، لم يكنْ يهوديَّاً ولا نَصرانيَّاً، ولا يعبدُ إلَّا الله.
          فلمَّا رأى زيدٌ قولَهم في إبراهيمَ خرَج، فلمَّا برَز(3) رفَع يدَيه وقال: اللهمَّ اشهد أنِّي على دينِ إبراهيمَ. / [خ¦3826]
          وفي مسنَد أسماءَ بقيَّةٌ مِن ذِكْرِ زيدِ بنِ عمرٍو.


[1] الأنصاب والنُّصُب: أصنامٌ أو حِجارة كان أهل الجاهلية ينصِبونها ويذبحون عليها، واحدها نصْبٌ.
[2] أشار في هامش (ابن الصلاح) و(ق) إلى أن في نسخة: (حنيفياً).
[3] برَز: ظهَر، والبُروز: الظُّهور بعد استِتار.