الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: المدينة حرم ما بين عيرٍ إلى ثورٍ

          133- الثَّامن عشر: عن يزيدَ بن شَريك بن طارق التَّيميِّ قال: رأيت عليَّاً ☺ على المنبر يخطُب، فسمعتُه يقول: لا والله؛ ما عندَنا من كتابٍ نقرؤُه إلَّا كتابَُ الله وما في هذه الصَّحيفةِ، فنشرَها فإذا فيها أسنانُ الإبل وأشياءُ من الجراحات.
          وفيها: قال رسول الله صلعم: «المدينةُ حرمٌ ما بين عَيرٍ إلى ثَورٍ(1) ؛ فمَن أحدث فيها حدَثاً أو آوى مُحْدِثاً فعليه لعنةُ الله والملائكةِ والنَّاسِ أجمعين، لا يقبلُ الله منه يومَ القيامة صَرفاً ولا عَدلاً، [و] ذِمَّةُ المسلمين واحدةٌ يسعى بها أدناهم(2) ؛ فمَن أَخفَرَ مسلماً(3) فعليه لعنةُ الله والملائكةِ والنَّاسِ أجمعين، لا يقبل الله منه يومَ القيامة عَدلاً ولا صَرفاً(4)، ومَن والى قوماً بغير إذن مواليه _وفي روايةٍ: / ومَن ادَّعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه_ فعليه لعنةُ الله والملائكةِ والنَّاسِ أجمعين، لا يقبل الله منه يومَ القيامة صَرفاً ولا عَدلاً».
          وهو في أفراد البخاريِّ مختصر عن أبي جُحيفة وهبِ بنِ عبد الله السُّوائيِّ(5)، قال: قلت لعليٍّ: هل عندكم شيءٌ من الوحي ممَّا ليس في القرآن؟ فقال: لا والَّذي فلقَ الحَبَّة(6) وبَرَأ النَّسَمة(7)، إلَّا فهمٌ يعطيه الله رجلاً في القرآن وما في هذه الصَّحيفة، قلت: وما في هذه الصَّحيفة؟ قال: «العقلُ(8)، وفَـِكاكُ الأسير(9)، وألَّا يُقتَل مسلمٌ بكافرٍ». [خ¦3047]


[1] وفي هامش (أبي شجاع): (ن.خ: عير إلى كذا)، وقال في هامش (ابن الصلاح): قال لنا شيخنا قوله: «إلى ثور» معروف في الرواية في الصحيح وغيره، وقد أنكره غير واحد من العلماء والرواة، حتى حذفه بعضهم في روايته قائلاً: «بين عَير إلى كذا»، وعن أبي عبيد: أنه كان يرى أنّ أصله: «من عَير إلى أحد»؛ لأن «ثوراً» جبل بمكة ولا يُعرف بالمدينة وعندها «ثور» أصل والله أعلم.تمت.وهو جبلٌ صغير حِذاء أُحدٍ عن يساره جانحاً إلى ورائه.«فتح الباري» 4/82.
[2] يسعى بذمَّتِهم أدْناهُم: أي بأمانهم وعهدهم، ومنه أهل الذّمة أي أهل الأمان والعهد الذي به أمنوا على أنفسهم وأموالهم.
[3] مَن أَخْفَرَ مسلماً: أي نقض عهده.(ابن الصلاح) نحوه.
[4] لا يُقبل منه صَرفٌ ولا عَدْل: الصَّرف التوبة، والعَدلُ الفداء.
[5] السُّوائي: من بني سُواءة بن عامر بن صعصعة.(أبي شجاع).
[6] فَلَقَ الحبَّة: أي شق الحبة اليابسة بالنبات وأخرج منها ورقاً أخضر.(ابن الصلاح) نحوه.
[7] بَرَأَ النَّسَمة: أي خلق النفس.
[8] العقْل: الدية.
[9] فِكاك الأسير: فداؤه من أيدي العدو.