الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: البينة أو حدّ في ظهرك

          1162- الثَّاني والتِّسعون: عن هشام بن حسَّان عن عكرمةَ عن ابنِ عبَّاسٍ: «أنَّ هلالَ بنَ أميَّة قذَف امرأته عند النَّبيِّ صلعم بشريكِ بن سَحْماء، فقال النَّبيُّ صلعم: البيِّنةَ أو حدٌّ في ظهرِك.
          قال: يا رسول الله؛ إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً ينطَلِق يلتمِس البيِّنة! فجعَل النَّبيُّ صلعم يقول: البيِّنة وإلا حدٌّ في ظهرِك.
          فقال هلالٌ: والَّذي بعثَك بالحقِّ إنِّي لصادِقٌ، وليُنزِلنَّ الله ما يبرئ ظهري من الحدِّ، فنزَل جبريلُ ◙ وأنزَل عليه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ...} فقرَأ حتَّى بلَغ: {إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور:6-9]، فانصرَف النَّبيُّ صلعم، فأرسَل إليهما، فجاء هلالٌ فشهِد، والنَّبيُّ صلعم يقول: إنَّ الله يعلم أنَّ أحدَكما كاذبٌ، فهل منكما تائبٌ؟ ثمَّ قامَت فشهِدت، فلمَّا كانت عند الخامسة وقفوها وقالوا: إنَّها موجبةٌ(1)، قال ابن عبَّاسٍ: فتلكَّأت(2) ونكَصَت(3) حتَّى ظننَّا أنَّها ترجعُ، ثمَّ قالت: لا أفضحُ قومي سائرَ اليوم، فمضَت، فقال النَّبيُّ صلعم: أبصِروها، فإن جاءت به أكحلَ(4) العينَين، سابغَ الأليتَين(5)، خَدَلَّجَ السَّاقين(6) فهو لشريك بنِ سَحماء. فجاءت به / كذلك.
          فقال النَّبيُّ صلعم: لولا ما مضى من كتاب الله ╡ لكان لي ولها شأنٌ!». [خ¦2671]


[1] الموجِبة: جمعها موجِبات، وهي الأمور التي يوجِب الله فيها العذابَ بالنار أو الرحمةَ بالجنة، وفي الدعاء: «أسألك موجبات رحمتك» وفي الحديث: «إن صاحباً لنا أوجبَ» أي: أصاب خطيئةً يستوجب بها النار.
[2] تلكَّأ الرجل يتلكَّأ إذا تباطأ عن الأمر.
[3] النُّكوص: رجوعٌ في توقُّف، يقال: نكصَ على عقبه.
[4] الكَحَل: سواد العين خِلقةً، ويفرَّق في وصف الشيء من الكُحْل والكَحَل، فيقال في الكُحْل: عينٌ كَحيلٌ، وفي الكَحَل كحيلةٌ، وكُحِلَت عينه تُكحَل كَحلاً، ورجلٌ أَكحلُ.
[5] شيءٌ سابِغٌ: تامٌّ كامل، وسابغُ الإليتَين أي: ضخمُهما.
[6] خَدَلَّجٌ وخَدْلٌ: بمعنًى واحد، وهو الممتليء الساقَين أو الذراعَين.