الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخٍ، فإن بها

          123- الثَّامن: عن عبيد الله بن أبي رافعٍ _وكان كاتباً لعليٍّ ☺_ وعن أبي عبد الرَّحمن السُّلَميِّ عن عليٍّ قال عبيد الله: سمعت عليَّاً ☺ يقول: «بعثني رسولُ الله صلعم أنا والزُّبيرُ والمقداد فقال: انطلِقوا حتَّى تأتوا روضةَ خاخٍ، فإنَّ بها ظَعينةً(1) معها كتابٌ فخذوه منها. فانطلقنا تتعادى بنا خيلُنا حتَّى أتينا إلى الرَّوضة فإذا نحن بالظَّعينة، فقلنا: أَخرجي الكتاب! فقالت: ما معي من(2) كتابٍ، فقلنا: لتُخرجِنَّ الكتاب أو لَنلقينَّ الثِّيابَ! فأخرجَته من عِقاصها،(3) فأتينا به النَّبيَّ صلعم فإذا فيه: من حاطب بن أبي بَلتَعةَ إلى ناسٍ من المشركين من أهل مكَّة يخبِرُهم ببعض أمر رسول الله صلعم، فقال رسول الله صلعم: يا حاطبُ؛ ما هذا؟! فقال: يا رسول الله؛ لا تَعجَل عليَّ، إنِّي كنت امرءاً مُلصَقاً في قريش، ولم أكن من أنفُسهم، وكان مَن معك مِنَ المهاجرين لهم قرابةٌ يحمون بها أموالهم وأهليهم بمكَّة، فأحببت إذ فاتني ذلك من النَّسب فيهم أن أتَّخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي، وما فعلت كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رِضاً بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلعم: إنَّه قد صدقكم. /
          فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق! فقال رسول الله صلعم: إنَّه قد شهد بدراً، وما يدريك لعلَّ الله اطَّلع(4) على أهل بدرٍ فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم؟ قال: فأنزل الله ╡: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء} [الممتحنة:1]». [خ¦3007]
          وفي رواية أبي عبد الرَّحمن عن عليٍّ قال: «بعثَني رسول الله صلعم والزُّبيرَ بن العوَّام وأبا مَرثَد، وكلُّنا فارسٌ...»، ثمَّ ساقه بمعناه. [خ¦3983]
          ولم يذكر نزولَ الآيةِ ولا ذكرَها في حديث عبيدِ الله بعضُ الرُّواة، وجعلها بعضُهم من تلاوة سفيانَ، وقال سفيانُ: لا أدري الآيةُ في الحديث أو من قول عمرٍو. يعني ابنَ دينارٍ.


[1] الظَّعِينَة: المرأة المسافرة؛ يقال ظَعَن يظْعَن إذا سافر، وأصل الظَّعائن الهوادج لكون النساء فيها، وقد يُقال لها: ظعائنُ وإن لم يكن فيها نساء.
[2] لم يُذكر قوله: (من) في (أبي شجاع)، وبالوجهين جاء في نسخنا من البخاري ومسلم.
[3] العِقَاص: الخيط الذي يُعقَص به أطراف الذوائب، وعقْصُ الشعر ضفرُه وفتلُه، وأصل العقْصِ اللَّيُّ والعقد.
[4] في (أبي شجاع): (وما يدريكم لعلَّ الله قد اطَّلع)، وما أثبتناه من (ابن الصلاح) موافق لنسختنا من رواية البخاري ومسلم.