الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: أما هم فقد سمعوا أن الملائكة لا

          1089- التَّاسع عشر: عن كُريب مولى ابن عبَّاسٍ _من رواية بُكير بن عبد الله بن الأشج عنه_ عن ابنِ عبَّاسٍ قال: «دخَل النَّبيُّ صلعم البيت، فوجَد فيه صورةَ إبراهيمَ وصورةَ مريمَ، فقال: أمَّا هم فقد سَمِعوا أنَّ الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورةٌ، هذا إبراهيمُ مصوَّرٌ، فما له يستَقسِم». [خ¦3351]
          وأخرجه البخاريُّ أيضاً من حديث عكرمَةَ _رواية أيُّوب عنه_ عن ابنِ عبَّاسٍ: «أنَّ النَّبيَّ صلعم لمَّا رأى الصُّور في البيت، لم يدخله حتَّى أمر بها فمُحيَت(1)، ورأى إبراهيم وإسماعيل بأيديهما الأزلام، فقال: قاتلهم الله! والله إنِ استقسما بالأزلام(2) قطُّ». / [خ¦3352]
          وفي حديث أبي معمرٍ: «أنَّ رسولَ الله صلعم لمَّا قدِم أبَى أن يدخُل البيتَ وفيه الآلهة، فأمَر بها فأخرِجَت، فأخرَجوا صورةَ إبراهيمَ وإسماعيلَ في أيديهما الأزلام.
          فقال رسولُ الله صلعم: قاتلَهمُ الله! أما والله قد علموا أنَّهما لم يستَقسِما بها قطُّ. فدخَل البيت فكبَّر في نواحيه، ولم يُصَلِّ فيه». [خ¦1601]


[1] في (ابن الصلاح) (فنحيت)، والمثبت موافق لنسختنا من صحيح البخاري.
[2] الأزلام: القِداح، واحدها زَلَم وزُلَم، والقِداح واحدها قِدْح، وهي سِهام بلا نُصولٍ ولا قُذَذ، وتستعمَل في الميسِر أيضاً، وهو القِمار الذي كانوا يضربون القِداح عليه، والاستقسامُ بالأزلام أن يضربَ بها ثم يعملَ بما يخرج فيها من أمر أو نهي، وكانوا إذا أرادوا أن يقسِّموا شيئاً بينهم فأحبوا أن يعرفوا قَسْم كل امرىءٍ منهم، تعرَّفوا ذلك منها، وكان الاستقسامُ طلب القَسْم وهو النصيب، كذا قال ابن قتيبة، وقيل: الأزلام قِداحٌ زُلمت وسوِّيَت أي: أُخِذ من حروفها، وكانت لقريش وغيرها في الجاهلية مكتوبٌ عليها الأمر والنهي، وكانوا يجعلونها في وعاء، فإذا أراد أحدهم حاجةً أو سفراً أدخل يده فأخرج منها زَلماً، فإن خرج الآمر مضى في سفره، وإن خرج الناهي كَفَّ وانصرف.