الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

تفسير ابن عباس لقوله تعالى: {حتى إذا استيأس الرسل}

          1084- الرَّابع عشر: عن ابن أبي مليكة قال: قال ابن عبَّاسٍ: «{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ}(1) [يوسف:110] خفيفة زاد في رواية البرقاني:[كانوا بشراً ضعفوا ونسوا وظنُّوا أنَّهم قد كُذبوا، ذهب بها هناك، وأومأ بيده إلى السَّماء».]
          وفي رواية البخاريِّ : ذهَب بها هناك، وتلا: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:214]. [خ¦4524]
          قال ابن أبي مليكة: «فلقيت عروةَ بن الزُّبير، فذكَرت ذلك له، فقال: قالت عائشةُ: معاذ الله، ما وعدَ الله رسولَه من شيءٍ قطُّ إلَّا علم أنَّه كائنٌ قبل أن يموت، ولكن لم يزل البلاءُ بالرُّسل حتَّى خافوا أن يكون من معهم يكذِّبونهم، قال: وكانت تقرؤها: (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا) مثقَّلة». / [خ¦3389]
          ذكرنا هذا في مسنَد ابن عبَّاسٍ على ما ذكره أبو مسعود، وقد نقله البرقاني إلى مسنَد عائشةَ.


[1] استَيأس الرسل من كفار قومهم أن يصدِّقوهم، وظنتِ الرسل أن مَن آمن بهم من قومهم قد كذَّبوهم، جاءهم نصرُ الله عند ذلك، ومن قرأ كُذِبوا بالتخفيف، أي ظنَّ الكفرة أن الرسل قد كُذِبوا في ما وُعِدوا به من النصر، وأن الرسل قالوا لهم الكذبَ، قال ابن عرفةَ: الكذب الانصراف عن الحق، يقال: حمَلَ فما كذَبَ أي: ما انصرف عن القتال، قال: فمعنى قوله: كُذِبوا أي استمروا على التكذيب الذي لا تصديقَ بعده، وقال الهرويُّ: وأكثر أهل اللغة يذهب بالظن هاهنا إلى العلم.