الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث ابن عباس: أنه قال حين وقع بينه وبين ابن الزبير

          1082- الثَّاني عشر: عن ابن أبي مُلَيكة عن ابنِ عبَّاسٍ أنَّه قال حين وقَع بينه وبين ابنِ الزُّبير، قلت: أبوه الزُّبير، وأمُّه أسماء، وخالتُه عائشة، وجدُّه أبو بكرٍ، وجدَّته صفيَّة. [خ¦4664]
          وفي حديث عيسى بن يونس عن عمرَ بن سعيدٍ عن ابن أبي مُلَيكة قال: دخَلنا على ابنِ عبَّاسٍ، فقال: ألا تعجبون لابن الزُّبير قام في أمره هذا، فقلت: لأحاسِبنَّ نفسي له حساباً ما حاسَبته لأبي بكرٍ ولا عمرَ، ولهما كانا أولى بكلِّ خيرٍ منه، فقلت: ابنُ عمَّة النَّبيِّ صلعم، وابنُ الزُّبير، وابنُ أبي بكرٍ، وابنُ أخي / خديجة، وابنُ أخت عائشة، فإذا هو يتعلَّى عليَّ ولا يريد ذلك، فقلت: ما كنت أظنُّ أنِّي أعرضُ هذا من نفسي فيدعَه، وإنَّما أراه يريد خيراً، وإن كان لا بُدَّ، لأن يَرُبَّني(1) بنو عمِّي أحبُّ إليَّ من أن يَرُبَّني غيرُهم.[خ¦4666]
          وفي حديث حجاج عن ابن جريج قال: قال ابنُ أبي مُلَيكة: وكان بينهما شيءٌ، فغدَوت على ابن عبَّاسٍ، فقلت: أتريد أن تقاتل ابنَ الزُّبير فتُحِلَّ ما حرَّم الله؟ فقال: معاذ الله! إنَّ الله كتَب ابنَ الزُّبير وبني أمية مُحِلِّين، وإنِّي لا أُحِلُّه أبداً.
          قال ابن عبَّاسٍ: قال النَّاس: بايع لابنِ الزُّبير. فقلت: وأين بهذا الأمر عنه؟ أمَّا أبوه فحواريُّ(2) النَّبيِّ صلعم، يريد الزُّبير، وأمَّا جدُّه فصاحب الغار، يريد أبا بكرٍ، وأمُّه فذات النِّطاقين، يريد أسماء، وأمَّا خالته فأمُّ المؤمنين، يريد عائشة، وأمَّا عمَّته فزوج النَّبيِّ صلعم، يريد خديجة، وأمَّا عمَّة النَّبيِّ صلعم فجدَّته، يريد صفيَّة، ثمَّ عفيفٌ في الإسلام، قارئٌ للقرآن! والله إن وصَلوني وَصلُوني من قريبٍ، وإنْ ربُّوني ربَّني أكْفاءٌ كِرام، فآثرَ التُّويتات والأسامات والحُميدات، يعني أبطناً من بني أسدٍ: بنو تُوَيت، وبنو أسامة، وبنو أسدٍ، إنَّ ابنَ أبي العاص برَز يمشي القُدَمِيَّة(3)، يعني عبد الملك بن مروان، وإنَّه لوَّى بذَنَبِه، يعني ابن الزُّبير ♥ أجمعين. [خ¦4665]


[1] رَبَّه يرُبُّه: أي يقوم بإصلاحِه وتدبير أمرِه، ومنه الرَّبيب؛ لأنه يقوم بأمره ويملك عليه تدبيرَه، «وله نِعمَة يربُّها» أي يقوم بإصلاحها وتربيتِها.
[2] الحَواريُّ: الناصِر.
[3] يقال: فلان يمشي القُدَميَّة واليَقْدُميَّة: إذا تقدَّم في الشَّرف والفضل والوصول إلى الغرض.