الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: وذكر أنه قد صحب النبي، فرأى من

          941- الثاني: عن الأزرقِ(1) بنِ قيسٍ قال: كنَّا على شاطئِ النهرِ بالأهوازِ وقد نَضَبَ عنه الماءُ(2)، فجاء أبو بَرزَةَ على فرسٍ، فصلَّى وخلَّى فرسَه، فانطلَقَت الفرسُ، فترَك صلاتَه وتَبِعَها حتَّى أدركَها، فأخذها، ثمَّ جاء فقضى صلاتَه، وفينا رجلٌ له رأيٌ، فأقبَلَ يقولُ: انظُروا إلى هذا الشيخِ، تركَ صلاتَهُ من أجلِ فرسٍ، فأقبَلَ، فقال: «ما عنَّفني(3) أحدٌ منذُ فارقتُ رسولَ اللهِ صلعم»، قال: وقال: إنَّ منزلي متراخٍ(4)، فلو صلَّيتُ وتركتُه لم آتِ أَهلي إلى اللَّيل، «وذكر أنَّه قد صَحِبَ / النبيَّ صلعم، فرأى مِن تيسيرِه». [خ¦1211]
          وفي حديث شُعبةَ عن الأزرقِ قال: كنَّا بالأهوازِ نُقاتِلُ الحَروريَّةَ، فبينا أنا على جُرُف نهرٍ، إذا رجلٌ يصلِّي، وإذا لِجامُ دابَّتِه بيدِه، فجعلَت تنازِعُه وجعل يتْبَعُها، قال شعبةُ: هو أبو بَرزَةَ الأَسلميُّ، فجعل رجلٌ من الخَوارجِ يقول: اللَّهمَّ؛ افعَل بهذا الشيخِ، فلمَّا انصرف الشَّيخُ، قال: إنِّي سمعتُ قولَكم، «وإنِّي غَزَوتُ معَ رسول الله صلعم سِتَّ غَزَواتٍ، أو سبعَ غزواتٍ، أو ثمانٍ، وشهِدتُ تيسيرَه، وإنِّي أنْ(5) كنتُ أرجِعُ معَ دابَّتي أَحبُّ إليَّ مِن أن أدعَها ترجِعُ إلى مألَفِها فيَشُقُّ عليَّ».
          وعندَ البَرقانيِّ في حديث شعبةَ عن الأزرقِ قال: [كنَّا نقاتِلُ الأَزارِقةَ بالأهواز معَ المهلَّبِ بنِ أبي صُفرَة قال: فجاء أبو برزَةَ، فأخذَ بِمِقوَدِ بِرذَونِه أو دابَّتِه، قال: فبينما هو يصلِّي إذ أفلَتَ المِقوَدُ من يدِه، قال: فمضتِ الدَّابَّةُ في قِبلَتِه، قال: وانطلَقَ أبو بَرزَةَ حتَّى أخذَها، ثمَّ رجَع القَهْقَرى(6).
          فقال رجلٌ _وكان يرى رأيَ الخوارجِ_ : انظُروا إلى هذا الشَّيخِ _ونالَ منه_ ترَك صلاتَه وانطلَقَ إلى دابَّتِه...]
وذكَر الحديثَ نحوَه وفي آخره: [فقلْنا للرَّجلِ: ما نرى اللهَ إلَّا مُخزيكَ، سَبَبْتَ رجلاً من أصحابِ رسولِ الله صلعم!] / وعندَه في حديث حَمَّادِ بنِ زيدٍ قال: [فجاء أبو بَرزَةَ الأَسلَمِيُّ فدخَل في صلاة العصرِ ومِقوَدُ الفرَسِ بيده، فانفلتَ الفرَسُ، فذهب فاتَّبعَها في القِبلة حتَّى أدركَها، فأخذَ المِقوَدَ ومضى في صلاتِه.] ثمَّ ذكَر معناهُ.


[1] تحرَّف في (أبي شجاع) إلى: (الأحنف).
[2] نضَبَ الماء عن المكان: إذا ذهب.
[3] العُنفُ: خلاف الرفق، يقال: عنَّفتُ الرجل: قابلتُه بشدة من القول.
[4] المنزِلُ المتراخي: المتباعد، وأصل التراخي: الإبطاء والتأخير.
[5] سقطت (أن) من (أبي شجاع).
[6] القهقرى: الرجوع على العقِبَين إلى خلف.