الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا حتى

          869- الرَّابع: في الرُّماة يومَ أُحُد: عن أبي إسحاق عن البراء قال: «جعل رسول الله صلعم على الرَّجَّالة يومَ أُحد _وكانوا خمسين رجلاً وهم الرُّماة_ عبدَ الله بن جبير، فقال: إن رأيتُمونا تَخْطَفُنا الطَّيرُ فلا تبرَحوا حتَّى أُرسِلَ إليكم. فهزمهم الله، فأنا والله رأيت النِّساء يَشْتَدِدْنَ وقد بَدَتْ خلاخِيلُهنَّ وأَسْوُقُهُنَّ رافعاتٍ ثيابَهنَّ، فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمةَ أيْ قومُِ، الغنيمةَ، ظهر أصحابكم، فما تنتظرون؟ فقال عبد الله بن جبير: أَنَسيتم ما قال لكم رسول الله صلعم؟ قالوا: والله لَنأتينَّ النَّاسَ فلَنصيبنَّ من الغنيمة، فلمَّا أتَوهم صُرِفَتْ وجوهُهم فأقبلوا مُنْهَزِمِيْنَ.
          فذلك قوله: {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} [آل عمران:153] فلم يبقَ مع النَّبيِّ صلعم غيرُ اثني عشر رجلاً، فأصابوا مِنَّا سبعين، وكان النَّبيُّ صلعم قد أصاب من المشركين يومَ بدرٍ أربعين ومئة: سبعين أسيراً، وسبعين قتيلاً، فقال أبو سفيان: أفي القوم محمَّد؟ ثلاث(1) مرَّاتٍ، / فنهاهم النَّبيُّ صلعم أن يجيبوه، ثمَّ قال: أفي القوم ابنُ أبي قُحافة؟ ثلاث مرَّاتٍ، ثمَّ قال: أفي القوم ابنُ الخطَّاب؟ ثلاث مرَّاتٍ، ثمَّ رجَع إلى أصحابه فقال: أمَّا هؤلاءِ فقد قُتِلُوا، فما مَلَكَ عمرُ نفسَه فقال: كذبتَ والله يا عدوَّ الله، إنَّ الَّذين عددتَ لَأحياءٌ كلُّهم، وقد بقي لك ما يسوءُك، قال: يومٌ بيوم بدر، والحربُ سِجالٌ(2)، إنَّكم ستجدون في القوم مُثلَةً لم آمُر بها، ولم تَسُؤْنِي، ثمَّ أخذ يرتجِز: اعْلُ هُبَل، اعْلُ هُبَل، فقال النَّبيُّ صلعم: ألَا تجيبوه؟ قالوا: يا رسول الله، ما نقول؟ قال: قولوا: اللهُ أعلى وأجلُّ.
          قال: إنَّ لنا العُزَّى ولا عُزَّى لكم، قال النَّبيُّ صلعم: ألَا تُجيبوه(3) ؟ قالوا: يا رسول الله؛ ما نقول؟ قال: قولوا: اللهُ مَولانا ولا مَولى لكم». [خ¦3039]


[1] سقط قوله: (ثلاث) من (أبي شجاع).
[2] الحرب سِجال: أي نُدال عليكُم وتُدالون علينا؛ أي نصيب منكم مرةً وتصيبون منا أخرى، وأصله من المستقين بالسَجْل يكون لكل واحد منهما سَجْل.
[3] أشار فوقها في (ابن الصلاح) بـ(كذا)، وفي نسختنا من رواية البخاري: «ألا تجيبوا» و«أجيبوه».قال العيني: بحذف النون بغير الناصب والجازم وهي لغة فصيحة ويروى ألا تجيبونه.«عمدة القاري» 14/284.