هدى الساري لمقدمة فتح الباري

حرف الحاء المهملة

           حرف الحاء المهملة
          (ع) حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ الْمَدَنِيُّ أَبُوْ إِسْمَاعِيْلَ الحَارِثِيُّ مَوْلَاهُمْ: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ، والعِجْلِيُّ، وابْنُ سَعْدٍ، وقالَ أَحْمَدُ: زَعَمُوْا أنهُ كانَ فيهِ غَفْلَةٌ إِلَّا أنَّ كِتَابَهُ صَالِحٌ، وقالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بهِ بَأْسٌ، / وقالَ مَرَّةً: ليسَ بالقَوِيِّ، وتكلمَ عَلِيُّ بْنُ المَدِيْنِيِّ في أحاديثِهِ عَنْ جَعْفَرِ بِنِ مُحَمَّدٍ.
          قلتُ: [242/ب] احتجَّ بهِ الجَّمَاعَةُ، ولكن لم يُكْثِرْ لهُ البُخَارِيُّ، ولا أخرجَ لهُ من روايتِهِ عَنْ جَعْفَرٍ شَيئاً، بل أخرجَ ما تُوْبِعَ عليهِ مِنْ روايتِهِ عَنْ غيرِ جَعْفَرٍ.
          (ع) حَبِيْبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ الْأَسَدِيُّ الكُوْفِيُّ: مَتَّفَقٌ على الاحتجاجِ بهِ إِنَّمَا عَابُوْا عليهِ التَّدْلِيْسَ، وقالَ يَحْيَى القَطَّانُ: لهُ أحاديثَ عَنْ عَطَاءٍ لا يُتَابَعُ عَلَيْهَا، وقالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ ابْنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ حُجَّةٌ، قيلَ لَهُ: ثَبْتٌ؟ قَالَ: نَعم، إِنَّمَا رَوَى حديثَيْنِ يَعْنِي مُنْكَرَيْنِ: حديثُ الاسْتِحَاضَةِ، وحديثُ القُبْلَةِ.
          قلتُ: رَوَى هذينِ الحديثَيْنِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، أَخَرَجَهُمَا أَبُوْ دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَه، فقيلَ: إِنَّهُ لم يسمعْ من عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وقيلَ: بل عُرْوَةُ شَيْخُهُ فِيْهِمَا عُرْوَةُ المُزْنِيُّ لا ابْنُ الزُّبَيْرِ، واللهُ أعلم.
          (ع) حَبِيْبٌ المُعَلِّمُ أَبُوْ مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ: وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وابْنُ مَعِيْنٍ، وأَبُوْ زُرْعَةَ، وقالَ النَّسَائِيُّ: ليسَ بالقوِيِّ.
          قلتُ: لهُ عِنْدَ البُخَارِيِّ في الحَجِّ حديثٌ واحدٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وآخرُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ، وعَلَّقَ لهُ في بِدْءِ الخَلْقِ آخرَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ، والأحاديثُ الثَّلَاثَةُ [خ¦1651] [خ¦1785] [خ¦1863] بمُتَابَعَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ لهُ عَنْ عَطَاءٍ هذا جميعُ ما لهُ عِنْدَهُ، وروى لهُ الجماعَةُ.
          (ع) حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرُ المِصِّيْصِيُّ: أحدُ الأثباتِ، أَجْمَعُوْا على توثيقهِ، وذكرَهُ أَبُوْ العَرَبِ الصِّقِلِّيُّ في ((الضعفاءِ)) بسببِ أنه تغيَّرَ في آخرِ عُمُرِهِ واختلطَ لكن مَا ضَرَّهُ الاختلاطُ؛ فإنَّ إِبْرَاهِيْمَ الْحَرْبِيَّ حَكَى أنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِيْنٍ منعَ ابْنَهُ أنْ يَدْخُلَ عليهِ بعدَ اختلاطهِ أَحَدَاً، رَوَى لهُ الجَّمَاعَةُ.
          (خ م د س ق) حَرْمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ أَبُوْ رَوْحٍ البَصْرِيِّ: قالَ أَحْمَدُ، وابْنُ مَعِيْنٍ: صَدُوْقٌ، زادَ أَحْمَدُ: كانَ فيهِ غَفْلَةٌ، وقالَ أَبُوْ حَاتِمٍ: ليسَ هُوَ في عِدَادِ القَطَّانِ وغُنْدَرٍ، هو معَ وَهْبِ بْنِ جَرِيْرٍ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ.
          وذكرَهُ العُقَيْلِيُّ فِي ((الضُّعَفَاءِ))، وَحَكَى عَنْ الأَثْرَمِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ أنكرَ من حديثهِ عَنْ شُعْبَةَ حديثَيْنِ أحدهما عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ»، والآخرُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ في الحوضِ، قالَ العُقَيْلِيُّ: الحديثَانِ معروفانِ من حديثِ النَّاسِ، وإنَّمَا أَنْكَرَهُمَا أَحْمَدُ مِنْ حديثِ شُعْبَةَ.
          قلتُ: حديثُ الحَوْضِ هذا أخرجَهُ الشَّيْخَانِ في ((صَحيحيهما)) من حديثهِ [خ¦6591]، وللحديثِ شواهدٌ، ورَوَى لهُ الجماعَةُ سِوَى التِّرْمِذِيُّ.
          (خ [ع](1)) حَرِيْزُ بْنُ عُثْمَانَ الحِمْصِيُّ: مَشْهُوْرٌ مِنْ صِغَارِ التَّابعينَ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وابْنُ مَعِيْنٍ، والأَئِمَّةُ، لكنْ قالَ الْفَلَّاسُ وَغَيْرُهُ: إنه كانَ يَنْتَقِصُ عَلِيَّاً، وقالَ أَبُوْ حَاتِمٍ: لا أعلمُ بالشامِ أثبتَ منهُ، ولم يصحَّ عِنْدِي ما يُقَالُ عنهُ من النَّصِبِ.
          قلتُ: جَاءَ عنهُ ذلكَ من غيرِ وجهٍ، وجاءَ عنهُ خلافُ ذَلِكَ، وقالَ البُخَارِيُّ: قالَ أَبُوْ اليَمَانِ: كانَ حُرَيْزٌ يتناولُ من رَجُلٍ، ثم تَرَكَ.
          قلتُ: فهذا أعدلُ الأقوالِ لَعَلَّهُ تَابَ.
          وقالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كانَ مِنْ ثِقَاتِ الشَّامِيِّيْنَ، وإنَّمَا وُضِعَ منهُ بِبُغْضِهِ لِعَلِيٍّ، وقالَ ابْنُ حِبَّانَ: كانَ دَاعِيَةً إلى مذهبِهِ يُجْتَنَبُ حَدِيْثُهُ.
          قلتُ: ليسَ لهُ عِنْدَ البُخَارِيِّ سِوَى حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا [خ¦3546] : في صِفَةِ النَّبِيِّ صلعم مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ، وهو من ثُلَاثِيَّاتِهِ، والآخرُ [خ¦3509] : حديثُهُ / عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ النَّصْرِيِّ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ حديثُ: [243/أ] «مِنْ أَفْرَى الفِرَى أَنْ يُرِي الرَّجُلُ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ» الحديثُ، وروى لهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ.
          (خ م د) حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ الْكِرْمَانِيُّ: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ، وعَلِيُّ بْنُ المَدِيْنِيِّ، وقالَ النَّسَائِيُّ: ليسَ بالقويِّ، وقالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَ بأفرادٍ كثيرةٍ، وهو عِنْدِي مِنْ أهلِ الصِّدْقِ إِلَّا أنهُ يَغْلَطُ في الشَّيءِ ولا يَتَعَمَّدُ، وأنكرَ عليهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أحاديثَ، مِنْهَا:
          حَديثُهُ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحَسَنِ عَن أُمِّهِ عَنْ أُمِّهَا فِيْ دُخُوْلِ المسجدِ والدُّعَاءِ، وقالَ: ليسَ هذا من حديثِ عَاصِمٍ، هذا مِنْ حديثِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وقالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعَ مْنِ أَبِي سُفْيَانَ طَرِيْفٌ عَنْ أَبِي نَضْرَةٍ عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ حَدِيْثَاً، ثم ظَنَّ أنَّ أَبَا سُفْيَانَ هذا هو أَبُوْ سُفْيَانَ والدُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بْنُ مَسْرُوْقٍ، كذا قالَ ابْنُ عَدِيٍّ: إِنَّ الوَهْمَ فيهِ مِنْ حَسَّانٍ، وقالَ غيرُهُ: الوهمُ فيهِ من الرَّاوِي عنهُ، وهو الظَّاهِرُ.
          قلتُ: لهُ في الصَّحِيْحِ أحاديثُ يَسِيْرَةٌ تُوْبِعَ عَلَيْهَا، رَوَى لهُ الشَّيْخَانِ وأَبُوْ دَاوُدَ.
          (خ) حَسَّانُ بْنُ حَسَّانٍ وهُوَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ البَصْرِيُّ نزيلُ مَكَّةَ: قالَ البُخَارِيُّ: كانَ المُقْرِيُّ يُثْنِي عَلَيْهِ، وقالَ أَبُوْ حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ.
          قلتُ: رَوَى عنهُ البُخَارِيُّ حديثَيْنِ فَقط، أحدهُمَا: في الْمَغَازِي [خ¦4048] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَمَّهُ غَابَ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، ولهذا الحديثِ طُرُقٌ أُخرى عَنْ حُمَيْدٍ [خ¦2805]، والآخرُ [خ¦4960] : عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ في اعتمارِ النَّبِيِّ صلعم، أخرجَهُ عنهُ في كِتَابِ الحَجِّ، وأخرجَهُ أَيضاً عَنْ هُدْبَةَ وَأَبِي الْوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ بمتابعتهِ عَنْ هَمَّامٍ.
          (ع) حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ المُحَارِبِيُّ: مَشْهُوْرٌ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وابْنُ مَعِيْنٍ، والعِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وقالَ الأَوْزَاعِيُّ: مَا رأيتُ أشدَّ اجْتِهَادَاً منهُ، وتَكَلَّمَ فيهِ سَعِيْدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيْزِ من أجلِ القَوْلِ بالقدرِ، وأنكرَ ذلكَ الأَوْزَاعِيُّ، وروى له الجَّمَاعَةُ.
          (خ ت س) الحَسَنُ بْنُ بِشْرِ بْنِ سَلَمٍ البِجْلِيُّ الكُوْفِيُّ: قالَ أَحْمَدُ: ما أَرَى كانَ بهِ بأسٌ في نَفْسِهِ، ورَوَى عَنْ زُهَيْرٍ أشياءَ مناكيرَ، وقالَ أَبُوْ حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ، وقالَ النَّسَائِيُّ: ليسَ بِالقَوِيِّ، وقالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ليسَ هُوَ بمنكرِ الحديثِ.
          قلتُ: رَوَى عنهُ البُخَارِيُّ مَوْضِعَيْنِ لا غيرَ أَحَدُهُمَا في الصَّلَاةِ [خ¦1018]، والآخرُ في المَنَاقِبِ [خ¦3764]، فَأَمَّا الذِي في الصَّلَاةِ فحديثُهُ عَنْ مُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ في الاسْتِسْقَاءِ، وهو عندَهُ من غيرِ وجهٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، والآخرُ حَدِيْثُهُ عَنْ مُعَافَى أَيضاً عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ فَصَوَّبَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وهو عندَهُ في البابِ مِنْ حديثِ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ نحوُهُ فلم يخرجْ عنهُ من أفرادِهِ شَيئاً، ولا مِنْ أحاديثِهِ عَنْ زُهَيْرٍ الَّتِي اسْتَنْكَرَهَا أَحْمَدُ، ورَوَى لهُ التِّرْمِذِيُّ والنَّسَائِيُّ.
          (خ د ت ق) الحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ أَبُوْ سَلَمَةَ البَصْرِيُّ: ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وأَبُوْ حَاتِمٍ، والنَّسَائِيُّ، وابنُ المَدِيْنِيِّ، وقالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُوْ أنهُ لَا بَأسَ بِهِ، وأوردَ له حديثَيْنِ عَنْ حَبِيْبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ، وقالَ: إِنَّهُ دَلَّسَهُمَا، وإنما سَمِعَهُمَا من [243/ب] عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْوَاسِطِيِّ / وهُوَ مَتْرُوْكٌ.
          قلتُ: فهذَا أحدُ أسبابِ تَضْعِيْفِهِ، وقالَ الآجِرِيُّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ: كانَ قَدَرِيَّاً، فهذَا سببٌ آخَرُ، رَوَى لهُ البُخَارِيُّ حَدِيْثَاً وَاحِدَاً في كِتَابِ الرِّقَاقِ [خ¦6566] مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ عنهُ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صلعم» الحديثُ مختصرٌ، ولهذا الحديثِ شواهدُ كثيرةٌ، وروى لهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ إِلَّا النَّسَائِيُّ.
          (خ د ت س) الحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ أَبُوْ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيِّ: وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُوْ حَاتِمٍ، وقالَ النَّسَائِيُّ: صَالِحٌ، وقال في ((الكُنَى)): ليسَ بِقَوِيٍّ.
          قلتُ: هذا تَلْيِيْنٌ هَيِّنٌ، وقد رَوَى عنهُ البُخَارِيُّ، وأصحابُ السُّنَنِ إِلَّا ابْنُ مَاجَه، ولم يُكْثِرْ عنهُ البُخَارِيُّ، واللهُ أعلمُ.
          ([خت ت ق](2)) الحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ الكُوْفِيُّ: مَشْهُوْرٌ رماهُ شُعْبَةُ بالكذبِ، وأَطْبَقُوْا على تَرْكِهِ، وليسَ لهُ في [الصَّحِيْحَيْن](3) روايةٌ إِلَّا أنَّ المِزِّيَّ عَلَّمَ على ترجمتِهِ علامةَ تعليقِ البُخَارِيِّ، ولم يُعَلِّقْ لهُ البُخَارِيُّ شَيئاً أَصْلَاً، إِلَّا أنهُ قالَ في كِتَابِ المنَاقِبِ [خ¦3642] : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا شَبِيْبُ بْنُ غَرْقَدَةَ: سَمِعْتُ الحَيَّ يَذكرونَ عَنْ عُرْوَةَ يَعْنِي البَارِقِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلعم أَعْطَاهُ دِيْنَارَاً يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَاةً، فذكرَ الحديثَ، قالَ سُفْيَانُ: كَانَ الحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ جَاءَنَا بِهَذَا الحَدِيثِ عَنْهُ _يَعْنِي عَنْ شَبِيْبٍ_ قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ عُرْوَةَ، قَالَ: فَأَتَيْتُ شَبِيْبَاً فَقَالَ لِيَ: إِنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ عُرْوَةَ إِنَّمَا سَمِعْتُ الحَيَّ يُخْبِرُوْنَ عَنْهُ، ولكنِّي سَمِعْتُهُ يقولُ [خ¦3643] : قالَ النَّبِيُّ صلعم: «الخَيْلُ مَعْقُوْدٌ فِي نَوَاصِيْهَا الخَيْرُ» فهذا كَمَا تَرَى لم يَقْصِدْ البُخَارِيُّ الروايةَ عَنْ الحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، ولا الاستشهادُ بهِ بَلْ أرادَ بِسِيَاقِهِ ذلكَ أن يبينَ أنَّهُ لم يحفظْ الإسنادَ الذي حَدَّثَهُ بهِ عُرْوَةُ، ومما يَدُلُّ على أن البُخَارِيِّ لم يقصدْ تَخْرِيْجَ الحديثِ الأوَّلِ أنهُ أخرجَ هذا في أثناءِ أحاديثَ عِدَّةٍ في فضلِ الخيلِ، وقدْ بَالَغَ أَبُوْ الحَسَنِ بْنُ القَطَّانِ في كِتَابِ ((بيانِ الوَهْمِ)) في الإنكارِ على مَنْ زَعَمَ أنَّ البُخَارِيَّ أخرجَ حديثَ شِرَاءِ الشَّاةِ، قَالَ: وَإِنَّمَا أَخْرَجَ حديثَ الخَيْلِ فَانْجَرَّ بِهِ سياقَ القِصَّةِ إلى تخريجِ حديثِ الشَّاةِ، وهذا كَمَا قُلْنَاهُ، وهو لَائِحٌ لا خفاءَ بِهِ، والله أعلم.
          (خ س ق) الحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ السَّدُوْسِيُّ أَبُوْ عَلِيٍّ الطَّحَانُ: قالَ النَّسَائِيُّ في أسماءِ شُيُوْخِهِ: لَا بَأسَ بِهِ، وقالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كانَ من حُفَّاظِ أهلِ البَصْرَةِ، وقالَ أَبُوْ عُبَيْدٍ الآجِرِيِّ عَنْ أَبِي دَاوُدٍ: كَانَ كَذَّابَاً؛ يأخذُ أحاديثَ فَهْدِ بْنِ عَوْفٍ فَيُلْقِيْهَا على يَحْيَى بِنْ حَمَّادٍ.
          قلتُ: إِنْ كانَ مُسْتَنَدُ أَبِي دَاوُدٍ في تكذيبِهِ هذا الفعلَ فَهُوَ لا يُوْجِبُ كَذِبَاً؛ لأنَّ يَحْيَى بْنَ حَمَّادٍ وفَهْدَ بْنَ عَوْفٍ جَميعاً من أَصْحَابِ أَبِي عَوَانَةَ، فَإذَا سألَ الطَالِبُ شَيْخَهُ عَنْ حَدِيْثِ رَفِيْقِهِ ليعرفَ إِنْ كانَ من جملَةِ مسموعِهِ فحدَّثَهُ بهِ أَوْ لا فَكَيْفَ يكونُ بذلكَ كَذَّابَاً؟ وقد كتبَ عنهُ أَبُوْ زُرْعَةَ، وأَبُوْ حَاتِمٍ، ولم يَذْكُرَا فيهِ جَرْحَاً، وهُمَا ما هما في النقدِ، وقد أخرجَ عنهُ البُخَارِيُّ أحاديثَ يسيرةً من روايتِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمَّادٍ معَ أنهُ [244/أ] شَارَكَهُ في الحملِ عن يَحْيَى بْنِ حَمَّادٍ وفي غيرِهِ من شيوخِهِ، وروى عنهُ النَّسَائِيُّ وابْنُ مَاجَه.
          (ع) الحَسَنُ بْنُ مُوْسَى الأَشْيَبُ: أَحَدُ الأثباتِ اتَّفَقُوْا على توثيقهِ والاحْتجاجِ بِهِ، ورَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ المَدِيْنِيِّ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كانَ ببغدادَ، وكأنَّهُ ضَعَّفَهُ.
          قلتُ: هذا ظَنٌّ لا تقومُ بِهِ / حُجَّةٌ، وقَدْ قالَ أَبُوْ حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: سمعتُ عَلِيَّ بْنَ المَدِيْنِيِّ يقولُ: الحَسَنُ بْنُ مُوْسَى الأَشْيَبُ ثِقَةٌ، فهذا التصريحُ الموافقُ لأقوالِ الجماعَةِ أَوْلَى أنْ يُعْمَلَ بهِ من ذلكَ الظَّنِّ، ومع ذلِكَ فلم يخرجْ البُخَارِيُّ لهُ في الصَّحِيحِ سِوَى موضعٍ واحدٍ في الصَّلَاةِ تُوْبِعَ عَلَيْهِ. [خ¦694]
          (خ م س) الحُسَيْنُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ يَسَارٍ صَاحِبُ [ابْنِ عَوْنٍ](4) قالَ أَبُوْ حَاتِمٍ: مجهولٌ، وقالَ السَّاجِيُّ: تكلمَ فيهِ أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ فلم يُلْتَفَتْ إليهِ، وقالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كانَ مِنَ الثِّقَاتِ.
          قلتُ: احتجَّ بهِ مُسْلِمٌ والنَّسَائِيُّ، وروى لهُ البُخَارِيُّ حَديثاً وَاحِدَاً في الاسْتِسْقَاءِ [خ¦1037] توبعَ عليهِ. [خ¦7094]
          (ع) الحُسَيْنُ بْنُ ذَكْوَانَ المُعَلِّمُ البَصْرِيُّ: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ، والنَّسَائِيُّ، وأَبُوْ حَاتِمٍ، وأَبُوْ زُرْعَةَ، والعِجْلِيُّ، وابْنُ سَعْدٍ، والْبَزَّارُ، والدَّارَقُطْنِيُّ، وقالَ يَحْيَى القَطَّانُ: فيهِ اضطرابٌ.
          قلت: لَعَلَّ الاضطرابَ من الرواةِ عنهُ، فقد احتجَّ بهِ الأئمَّةُ.
          (ع) حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ أَبُوْ الهَذَيْلِ الكُوْفِيُّ: مُتَّفَقٌ على الاحتجاجِ بهِ إِلَّا أنهُ تَغَيَّرَ في آخرِ عُمُرِهِ، وأخرجَ البُخَارِيُّ مِنْ حديثِ شُعْبَةَ، والثَّوْرِيِّ، وزَائِدَةَ، وأَبِي عُوَانَةَ، وأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، وأَبِي كُدَيْنَةَ، وحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ، وهُشَيْمٍ، وخَالِدٍ الْوَاسِطِيِّ، وسُلَيْمَانِ بْنِ كَثِيْرٍ الْعَبْدِيِّ، وأَبِي زُبَيْدٍ عَبْثَرِ بْنِ القَاسِمِ، وعَبْدِ العَزِيْزِ العَمِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بْنُ مُسْلِمٍ، ومُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عنهُ، فأمَّا شُعْبَةُ، والثَّوْرِيُّ، وزَائِدَةُ، وهُشَيْمٌ، وخَالِدٌ فَسَمِعُوْا منهُ قبلَ تَغَيُّرِهِ، وأما حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ فلم يخرِّجْ البُخَارِيُّ مِنْ حديثِهِ عنهُ سِوَى حديثٌ واحدٌ كَمَا سنبينهُ بعدُ، وأما مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ومن ذُكِرَ معهُ فأخرجَ مِنْ حديثهِمْ ما تُوْبِعُوْا عَلَيْهِ، والله أعلم.
          (خ د ت س) حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ الْوَاسِطِيُّ أَبُوْ مِحْصَنٍ الضَّرِيْرُ: وَثَّقَهُ أَبُوْ زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُ، وقالَ عَبَّاسٌ عَنْ ابْنِ مَعِيْنٍ: ليسَ بِشَيءٍ، قالَ أَبُوْ أَحْمَدَ الْحَاكِمُ في ((الكُنَى)): ليسَ بِالقَوِيِّ عِنْدَهُمْ، وقالَ أَبُوْ خَيْثَمَةَ: كانَ يحملُ على عَلِيٍّ فلم أَعُدْ إليهِ.
          قلتُ: أخرجُ لهُ البُخَارِيُّ في أحاديثِ الأَنْبِيَاءِ وفي الطبِّ [خ¦3410] [خ¦5752] حَدِيْثَاً وَاحِدَاً تابَعَهُ عليهِ عندَهُ هُشَيْمٌ، ومُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، وروى لهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ إِلَّا ابْنُ مَاجَه.
          (ع) حَفْصُ بْنُ غِيَاثِ بْنِ طَلْقِ بْنِ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيُّ أَبُوْ عَمْرَ القَاضِي الكُوْفِيُّ: مِنَ الأئمَّةِ الأَثْبَاتِ، أَجْمَعُوْا على توثيقهِ والاحتجاجِ بِهِ إِلَّا أنَّهُ في الآخِرِ سَاءَ حِفْظُهُ، فمَنْ سَمِعَ مِنْ كِتَابِهِ أصحُّ مِمَّنْ سَمِعَ من حِفْظِهِ، قالَهُ أَبُوْ زُرْعَةَ، وقالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: كانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ يقولُ: حَفْصٌ أوثَقُ أَصْحَابِ الأَعْمَشِ، قَالَ: فكنتُ أُنْكِرُ ذلكَ فلما قَدِمْتُ الكوفةَ بآخِرَةٍ أخرجَ إليَّ ابنُهُ عُمَرَ كِتَابَ أَبِيْهِ عَنْ الأَعْمَشِ فجعلْتُ أَتَرَحَّمُ على القَطَّانِ.
          قلتُ: اعتمدَ البُخَارِيُّ على حَفْصٍ هذا في حديثِ الأَعْمَشِ؛ لأنَّهُ كانَ يميزُ بينَ ما صَرَّحَ بهِ الأَعْمَشُ بِالسَّمَاعِ وبينَ ما دَلَّسَهُ، نَبَّهَ [244/ب] على ذلك أَبُوْ الفَضْلِ بْنُ طَاهِرٍ، وهو كَمَا قَالَ، رَوَى لهُ الجَّمَاعَةُ.
          (خ م س ق) حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ العُقَيْلِيُّ أَبُوْ عَمْرٍ الصَّنْعَانِيُّ نزيلُ عَسْقَلَانَ: قالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ إِنَّمَا يطعنُ عليهِ أَنَّهُ عَرَضَ _يَعْنِي أن سماعَهُ من شيوخِهِ كانَ بِقِرَاءَتِهِ عَلَيْهِمْ_ وعَنْ ابْنِ مَعِيْنٍ أَيضاً أنَّهُ قَالَ: مَا أَحْسَنَ حَالَهُ إِنْ كانَ سَمَاعَهُ كُلَّهُ عَرْضَاً، كأنَّهُ يقولُ: إِنَّ بعضَهُ مُنَاوَلَةٌ، ووَثَّقَهُ أَحْمَدُ / وَغَيْرُهُ، وقالَ أَبُوْ حَاتِمٍ: في حديثهِ بعضُ الوَهْمِ.
          قلتُ: وشَذَّ الْأَزْدِيُّ فَقَالَ: رَوَى عَنْ العَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مناكيرَ، وقالَ السَّاجِيُّ: في حديثِهِ ضعفٌ.
          قلتُ: لهُ في البُخَارِيِّ حديثٌ في الحَجِّ [خ¦4290] عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بمُتَابَعَةِ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، وحديثٌ في زَكَاةِ الفِطْرِ [خ¦1509] عَنْ مُوْسَى بْنِ عُقْبَةَ بمُتَابَعَةِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وحديثٌ في الاعتصامِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بمُتَابَعَةِ أَبِي غَسَّانٍ مُحَمَّدَ بْنَ مُطَرِّفٍ عندَهُ، وفي التَّفْسِيْرِ [خ¦4581] عنهُ بمُتَابَعَةِ سَعِيْدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عِنْدَهُ، ورَوَى لهُ مُسْلِمٌ، والنَّسَائِيُّ، وابْنُ مَاجَه.
          (خ م ت س) الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَبُوْ النُّعْمَانِ البَصْرِيُّ: قالَ الذُّهَلِيُّ: كانَ ثَبْتَاً في شُعْبَةَ عَاجَلَهُ المَوْتُ، وقالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لهُ مَنَاكِيْرُ لا يُتَابَعُ عَلَيْهَا، وقالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيْهِ: مجهولٌ.
          قلتُ: ليسَ بِمَجْهُوْلٍ مَنْ رَوَى عنهُ أربعةٌ ثِقَاتٌ، ووَثَّقَهُ الذُّهَلِيُّ، ومعَ ذلِكَ فليسَ لهُ في البُخَارِيِّ سِوَى حديثٌ واحِدٌ في الزَّكَاةِ [خ¦1415] أخرجَهُ عَنْ أَبِي قُدَامَةَ عنهُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مَسْعُوْدٍ في نزولِ قولِهِ تَعَالَى: {الَّذِيْنَ يَلْمِزُوْنَ الْمُطَّوِّعِيْنَ مِنَ الْمُؤْمِنِيْنَ} [التوبة:79] الآيةُ، وأخرجَهُ في التَّفْسِيْرِ من حديثِ غُنْدَرَ عَنْ شُعْبَةَ. [خ¦4668]
          (ع) الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَبُوْ اليَمَانِ الحِمْصِيُّ: مُجْمَعٌ على ثِقَتِهِ، اعتمدَهُ البُخَارِيُّ، ورَوَى عنهُ الكثيرَ، ورَوَى لهُ الباقُوْنَ بواسطةٍ، تَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ في سماعِهِ مِنْ شُعَيْبٍ، فقيلَ: إِنَّهُ مُنَاوَلَةٌ، وقيلَ: إِنَّهُ إِذْنٌ مُجَرَّدٌ، وقد قالَ المفَضْلُ بْنُ غَسَّانٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِيْنٍ يقولُ: سَأَلْتُ أَبَا اليَمَانِ عَنْ حديثِ شُعَيْبٍ فَقَالَ: ليسَ هُوَ مُنَاوَلَةٌ، المناولةُ لم أُخَرِّجْهَا لأَحدٍ، وبالغَ أَبُوْ زُرْعَةَ الرَّازِيُّ فَقَالَ: لم يسمعْ أَبُوْ اليَمَانِ مِنْ شُعَيْبٍ إِلَّا حَديثاً وَاحِدَاً.
          قلتُ: إِنْ صَحَّ ذلك فَهُوَ حُجَّةٌ في صحةِ الرِّوَايَةِ بِالإِجَازَةِ إِلَّا أنَّهُ كانَ يقولُ في جميعِ ذَلِكَ: أَخْبَرَنَا، ولا مُشَاحَحَةَ في ذلك إِنْ كانَ اصْطِلَاحَاً لَهُ.
          (ع) حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ أَبُوْ أُسَامَةَ الكُوْفِيُّ: أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأثباتِ اتَّفَقُوْا على توثيقِهِ، وشَذَّ الْأَزْدِيُّ فذكرَهُ في ((الضعفاءِ))، وَحَكَى عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيْعٍ قَالَ: كانَ أَبُوْ أُسَامَةَ يَتَبَّعُ كُتُبَ الرُّوَاةِ فَيَأْخُذُهَا، ويَنْسَخُهَا، فَقالَ لِيَ ابْنُ نُمَيْرٍ: إِنَّ الْمُحسِّنَ لأَبِي أُسَامَةَ يقولُ: إِنَّهُ دَفَنَ كُتُبَهُ ثُمَّ تتبعَ الأحاديثَ بعدُ مِنَ النَّاسِ فَنَسَخَهَا، قالَ سُفْيَانُ بْنُ وَكِيْعٍ: إِنِّي لأعجبُ كيفَ جازَ حديثُهُ؟ كانَ أمرُهُ بَيِّنَاً ! وكانَ من أسرقِ النَّاسِ لحديثٍ جَيِّدٍ، انتهى.
          وسُفْيَانُ بْنُ وَكِيْعٍ هَذَا ضعيفٌ لا يُعْتَدُّ بهِ كَمَا لا يعتدُّ بالناقلِ عنهُ، وهو أَبُوْ الفَتْحِ الْأَزْدِيُّ معَ أنهُ ذكرَ هذا عَنْ ابْنِ وَكِيْعٍ بلا إسنادٍ، وسقطَ مِنَ النُّسْخَةِ الَّتي وَقَفَ عَلَيْهَا الذَّهَبِيُّ من كِتَابِ الْأَزْدِيِّ ((ابنُ وَكِيْعِ)) فظنَّ أنهُ حكاهُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيُّ وصارَ يتعجبُ [245/أ] مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ قولٌ باطِلٌ، وأَبُوْ أُسَامَةَ قد قالَ أَحْمَدُ فيهِ: كانَ ثَبْتَاً ما كانَ أَثْبَتَهُ ! لا يكادُ يُخْطِئُ ! وروى لهُ الجماعَةُ.
          (خت م عم) حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بْنُ دِيْنَارٍ البَصْرِيُّ: أحدُ الأئمَّةِ الأثباتِ إِلَّا أنهُ ساءَ حِفْظُهُ في الآخِرِ، استشهَدَ بهِ البُخَارِيُّ تَعْلِيْقَاً، ولم يخرجْ لهُ احْتِجَاجَاً، ولا مَقْرُوْنَاً، ولا مُتَابَعَةً إِلَّا في موضِعٍ / واحدٍ قالَ فيهِ: قالَ لَنَا أَبُوْ الْوَلِيْدٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، فذكرَهُ، وهو في كِتَابِ الرِّقَاقِ [خ¦6440]، وهذهِ الصيغَةُ يَستعملها البُخَارِيُّ في الأحاديثِ الموقوفَةِ، وفي المرفوعَةِ أيضاً إذا كانَ في إِسْنَادِهَا مَنْ لَا يُحْتَجُّ بهِ عندَهُ، واحتجَّ بهِ مُسْلِمٌ والأَرْبَعَةُ، لكن قالَ الْحَاكِمُ: لَمْ يَحْتَجَّ بهِ مُسْلِمٌ إِلَّا في حديثِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ، وأما بَاقِي ما أخرجَ لهُ فمُتَابَعَةٌ، زادَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَّ مَا عَدَا حديثِ ثَابِتٍ لا يبلغُ عِنْدَ مُسْلِمٍ اثْنَي عَشَرَ حَدِيْثَاً، والله أعلم.
          (خ عم) حُمَيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ أَبُوْ الْأَسْوَدِ البَصْرِيُّ، وَثَّقَهُ أَبُوْ حَاتِمٍ، وقالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ما أنكرَ ما يجيءُ بِهِ، وقالَ العُقَيْلِيُّ: كانَ عَفَّانُ يحملُ عليهِ لأنَّهُ رَوَى حَدِيْثَاً مُنْكَرَاً، وقالَ السَّاجِيُّ: صَدُوْقٌ عِنْدَهُ مناكيرَ.
          قلتُ: رَوَى لهُ البُخَارِيُّ حَدِيْثَيْنِ مَقْرُوْنَاً بيَزِيْد بن زُرَيْع فِيْهِمَا: أحدهما [خ¦4536] : في تفسيرِ سورةِ البقرَةِ، [والآخرُ](5) [خ¦3082] : في الجِهَادِ، وروى لهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ.
          (ع) حُمَيْدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ البَصْرِيُّ: مَشْهُورٌ من الثِّقَاتِ المُتَّفَقِ على الاحتجاجِ بِهِمْ إِلَّا أنه كانَ يُدَلِّسُ حديثَ أَنَسٍ، وكانَ سمعَ أكثرَهُ مِنْ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِ من أصحابِهِ عنهُ فَرَوَى مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: عَامَّةُ مَا يَرْوِي حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ سمعَهُ مِنْ ثَابِتٍ، وقالَ أَبُوْ عُبَيْدَةَ الحَدَّادُ عَنْ شُعْبَةَ: لم يسمعْ حُمَيْدٌ مِنْ أَنَسٍ إِلَّا أربعةً وعشرينَ حَدِيْثَاً، والباقِي سَمِعَهَا مِنْ ثَابِتٍ، أو ثبَّتَهُ فِيْهَا ثَابِتٌ. فهذا قولٌ صحيحٌ، وأما ما رَوَى عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: كُلُّ شيءٍ سَمِعَ حُمَيْدٌ مِنْ أَنَسٍ خمسةُ أحاديثَ، فالراوِي لذلكَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ، وقالَ عَلِيُّ بْنُ المَدِيْنِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيْدٍ: كانَ حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ إِذَا ذَهَبْتَ تَقِفْهُ على بعضِ حديثِ أَنَسٍ يشكُّ فيهِ، وقالَ ابْنُ سَعْدٍ: كانَ ثِقَةً كثيرَ الحديثِ إِلَّا أنهُ رُبَّمَا دَلَّسَ عَنْ أَنَسٍ، وقالَ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى المُحَارِبِيُّ: طرحَ زَائِدَةُ حديثَ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، قلتُ: إِنَّمَا تركَهُ زَائِدَةُ لِدُخُوْلِهِ في شيءٍ من أمرِ الخُلَفَاءِ، وقد بيَّنَ ذلكَ مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ، وقد اعْتَنَى البُخَارِيُّ في تخريجِهِ لأحاديث حُمَيْدٍ بالطرقِ الَّتِي فِيْهَا تصريحُهُ بِالسَّمَاعِ فذكرَهَا مُتَابَعَةً وتَعْلِيْقَاً، وروى لهُ البَاقُوْنَ.
          (ع) حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ الأَعْرَجُ المَكِّيُّ أَبُوْ صَفْوَانَ: قالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أبيهِ: ليسَ بالقَوِيِّ، ووَثَّقَهُ أَحْمَدُ في روايةِ أَبِي طَالِبٍ عنهُ، وكذا ابْنُ مَعِيْنٍ، وابْنُ سَعْدٍ، وأَبُوْ زُرْعَةَ، وأَبُوْ حَاتِمٍ الرَّازِيَّانِ، وأَبُوْ دَاوُدَ، والنَّسَائِيُّ، وابْنُ خِرَاشٍ، والعِجْلِيُّ، ويَعْقُوْبُ بْنُ سُفْيَانَ، وقالَ التِّرْمِذِيُّ في ((العلل)): سَمِعْتُ مُحَمَّدَاً يقولُ: هو ثِقَةٌ، وقالَ أَبُوْ زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: هو مِنَ الثِّقَاتِ، وقالَ ابْنُ عَدِيٍّ: إِنَّمَا يجيءُ الإنكارُ من جِهَةِ من يَرْوِي عنهُ، احتجَّ بهِ الجماعَةُ.
          (ع) حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ العَدَوِيُّ أَبُوْ نَصْرٍ: مِنْ كِبَارِ التَّابعينَ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ، والعِجْلِيُّ، والنَّسَائِيُّ، وآخرون، وقالَ يَحْيَى القَطَّانُ: كانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ [245/ب] لا يرضاهُ.
          قلتُ: بيَّنَ أَبُوْ حَاتِمٍ الرَّازِيُّ أَنَّ ذلكَ بسببِ أنَّهُ دخلَ في شيءٍ من عَمَلِ السُّلْطَانِ، وقد احتجَّ بهِ الجَّمَاعَةُ.
          (ع) حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْجُمَحِيُّ المَكِيُّ أحدُ الأثباتِ: قالَ يَعْقُوْبُ بْنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ، ولكنهُ دونَ المتثبتينَ، ووَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ، والنَّسَائِيُّ، وأَبُوْ زُرْعَةَ، وأَبُوْ دَاوُدَ، وآخَرُوْنَ، وأوردَ لهُ ابْنُ عَدِيٍّ في ((الكامل)) / حديثاً من روايتهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ اسْتَنْكَرَهُ، ولعلَّ العِلَّةَ فيهِ منْ غيرِهِ.
          قلتُ: احْتَجَّ بهِ الجماعَةُ، ولم يخرجْ لهُ البُخَارِيُّ شَيئاً من حديثِهِ عَنْ نَافِعٍ.


[1] في غير ط: عا.
[2] في ت: خ ت ق.
[3] في ت: الصحيح.
[4] في ت: بن عوف.
[5] في ت: وآخر.