إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا يأت ابن آدم النذر بشيء لم يكن قد قدرته

          6609- وبه قال: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ) بكسر الموحدة وسكون المعجمة، السَّخْتِيانيُّ، أبو محمد المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بن المبارك المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) هو ابنُ راشد (عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ) بكسر الموحدة المشددة (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم (1)) أنَّه (قَالَ: لَا يَأْتِ ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ قَدْ(2) قَدَّرْتُهُ(3)) صفة لقولهِ: «بشيءٍ»، و«يَأْتِ» بغير تحتيَّةٍ بعد الفوقيَّة في الفرع على الوصل، كقولهِ تعالى: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}[العلق:18] بغير واو، وفي غيره بإثباتها على الأصلِ، وهو مِن(4) «أتى» بمعنى جاءَ يتعدَّى لواحدٍ بخلاف آتي (وَلَكِنْ) بالتَّخفيف (يُلْقِيهِ) من الإلقاء (القَدَرُ) أي: إلى النَّذر.
          ولا مطابقةَ بين هذا / وبين التَّرجمة كما لا يخفَى، فالظَّاهر _كما قاله في «الكواكب»_ أنَّ التَّرجمة مقلوبةٌ؛ إذ القدرُ هو الَّذي يُلقي بالحقيقةِ إلى النَّذر، كما في الحديث، فكان الأولى أن يقول: يُلقيه القدرُ _بالقاف_ إلى النَّذر _بالنون_ ليُطابق الحديث. وأجاب بأنَّهما صادقان؛ إذ الَّذي يُلقي بالحقيقة هو القدرُ وهو المُوصِل، وبالظَّاهر هو النَّذر. نعم في رواية الكُشمِيهنيِّ في متن الحديث ممَّا ذكره في «الفتح»: ”يلقيه النَّذر“ بالنون والذال المعجمة، وبها تحصل المطابقةُ، ونسبة الإلقاءِ إلى النَّذر مجازيَّة‼، وسوَّغ ذلك كونه سببًا إلى الإلقاءِ، فنُسب الإلقاءُ إليه (وَقَدْ قَدَّرْتُهُ لَهُ، أَسْتَخْرِجُ) بلفظ المتكلِّم من المضارع (بِهِ مِنَ البَخِيلِ) الباء في «بهِ» باء الآلةِ، قاله ابنُ فرحون في «إعراب العمدة». والحديثُ من أفرادهِ.


[1] نبَّه الشيخ قطة ☼ إلى أنه وقع في بعض النسخ زيادة: «قال تعالى» بين الأسطر، وهي أنسب ببقية الحديث.
[2] «قد»: ليست (ص).
[3] في (ع) و(ص): «قُدِّر له».
[4] «من»: ليست في (د).