إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كان النبي يصلي الظهر بالهاجرة والعصر والشمس نقية

          560- وبه قال: (حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) بفتح المُوحَّدة وتشديد المُعجَمة (قَالَ: حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) هو غندرٌ (قَالَ: حدَّثنا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ سَعْدٍ) بسكون العين، ولغير(1) أبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: ”عن سعد بن إبراهيم“ أي: ابن عبد الرَّحمن بن عوفٍ (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ لحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ) هو ابن أبي طالبٍ، و«عَمْرٌو» بفتح العين وسكون الميم (قَالَ: قَدِمَ الحَجَّاجُ) بفتح الحاء المُهمَلة وتشديد الجيم، ابن يوسف الثَّقفيُّ، وُلِّي المدينة أميرًا عليها من قِبَل عبد الملك / بن مروان سنة أربعٍ وسبعين عقب قتل ابن الزُّبير، وكان يؤخِّر الصَّلاة (فَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ) الأنصاريَّ عن وقت الصَّلاة (فَقَالَ) جابرٌ: (كَانَ النَّبِيُّ صلعم يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالهَاجِرَةِ) أي: إِلَّا أن يحتاج إلى الإبراد لشدَّة الحرِّ (وَ) يصلِّي (العَصْرَ وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ) بالنُّون قبل القاف و(2)بعدها مُثنَّاةٌ تحتيَّةٌ، أي: خالصةٌ صافيةٌ بلا تغُّيرٍ (وَ) يصلِّي (المَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ) أي: غابتِ الشَّمس، ولأبي عَوانة: «حين(3) تجب الشَّمس» ولا يخفى أنَّ محلَّ دخول وقتها بسقوط(4) قرص الشَّمس حيث(5) لا يحول بين رؤيتها وبين الرَّائي حائلٌ (وَ) يصلِّي (العِشَاءَ أَحْيَانًا) يعجِّلها (وَأَحْيَانًا) يؤخِّرها، ويبيِّن(6) هذا التَّقدير قوله: (إِذَا رَآهُمُ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ) العشاء لأنَّ في تأخيرها تنفيرهم (وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَؤوا أَخَّرَ) ها لإحراز الفضيلة في الجماعة وفي «اليونينيَّة»: ”أبطوْا“ بسكون الواو ليس إِلَّا(7)، ويأتي مزيدٌ لذلك _إن شاء الله تعالى_ في «باب وقت(8) العشاء إذا اجتمع النَّاس» [خ¦565] (وَ) كان ╕ يصلِّي (الصُّبْحَ) إذا (كَانُوا) أي(9): الصَّحابة ♥ مجتمعين يصلُّونها معه ╕ بغلسٍ (أَوْ كَانَ النَّبِيُّ صلعم ) منفردًا (يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ) ولا يصنع فيها مثل ما(10) يصنع في العشاء، من تعجيلها إذا اجتمعوا، وتأخيرها إذا أبطؤوا، و«الغَلَس» بفتح اللَّام: ظلمة آخر اللَّيل، وقوله: «يصلِّيها بغلسٍ» بدلٌ من الأوَّل أو حالٌ، ويحتمل أن يكون شكًّا من الرَّاوي، وقال الحافظ ابن حجرٍ: إنَّه الحقُّ، ولفظ «مسلمٍ»: «والصُّبح كانوا، أو قال: كان النَّبيُّ صلعم يصلِّيها بغلسٍ»(11) فالتَّقدير(12): كانوا يصلُّونها بغلسٍ، أو(13) كان النَّبيُّ صلعم يصلِّيها بغلسٍ(14)، فحذف من الأوَّل لدلالة الثَّاني عليه، والمراد بهما واحدٌ لأنَّهم كانوا يصلُّون معه، فإمَّا أن يعود الضَّمير للكلِّ، أو له صلعم وهم تبعٌ له، ويحتمل أن تكون «كان» تامَّةً غير ناقصةٍ بمعنى الحضور والوقوع، فيكون المحذوف ما بعد «أو» خاصَّةً، أي: أو لم يكونوا مجتمعين، قاله السَّفاقسيُّ.
          ورواة‼ هذا الحديث السِّتَّة ما بين بصريٍّ ومدنيٍّ وكوفيٍّ، وفيه: تابعيَّان، والتَّحديث والعنعنة والقول والسُّؤال، وأخرجه أيضًا في «الصَّلاة» [خ¦565] وأبو داود والنَّسائيُّ.


[1] «غير»: سقط من (د).
[2] «و»: ليس في (م).
[3] في (ج): «حتى» ثم صححت إلى «حين».
[4] في (د): «سقوط».
[5] في (م): «حتَّى».
[6] في (د): «بيَّن».
[7] قوله: «وفي اليونينيَّة: أبطوْا؛ بسكون الواو ليس إِلَّا» سقط من (م).
[8] زِيد في (د) و(س): «صلاة».
[9] في (م): «أو»، وهو تحريفٌ.
[10] في (م): «مثل فما»، وفي (ص): «فيها ما».
[11] قوله: «كانوا، أو قال: كان النَّبيُّ صلعم يصلِّيها بغلسٍ» سقط من (ص).
[12] «فالتقدير»: سقط من (د) و(ص).
[13] زيد في (ب) و(س): «قال».
[14] قوله: « كانوا يصلُّونها بغلسٍ... يصلِّيها بغلسٍ» سقط من (د).