إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلةً

          6498- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكمُ بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابنُ أبي حمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلمٍ، أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَنَّ) أباه (عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ☻ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَقُولُ: إِنَّمَا النَّاسُ) في أحكام الدِّين سواءٌ، لا فضل فيها لشريفٍ على مشروفٍ، ولا لرفيعٍ على وضيعٍ (كَالإِبِلِ المِئَةُ) الَّتي (لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً) وهي الَّتي ترحل لتركب، والرَّاحلة: فاعلةٌ بمعنى مفعولة، والهاء فيها للمبالغةِ، أي: كلُّها حَمولة تصلح للحملِ ولا تصلح للرَّحل والرُّكوب عليها، أو(1) المعنى: أنَّ(2) النَّاس كثيرٌ والمرضيُّ منهم قليلٌ، أو المعنى: أنَّ الزَّاهد في الدُّنيا الكامل فيه الرَّاغب في الآخرة قليل كقلَّة الرَّاحلة في الإبل، والعرب تقول للمئة من الإبل: إبلٌ، فيقولون(3): لفلانٍ إبل، أي: مئة بعيرٍ، ولفلانٍ إبلان، أي: مئتان، ولمَّا كان لفظ مجرَّد الإبل ليس مشهور الاستعمال في المئة ذكر المئة للتَّوضيح، وقوله: «كالإبلِ المئة» فيه _كما قال ابنُ مالكٍ_ النَّعت بالعددِ، وقد حكى سيبويه عن بعض العربِ: أخذوا من بني فلانٍ إبلًا مئة.
          ومناسبة الحديث للتَّرجمة من حيث إنَّ النَّاس كثيرون والمرضيُّ منهم قليلٌ كالرَّاحلة في المئة من الإبل، وغير المرضيِّ هو مَن ضيَّع الفرائض، وقد فسَّر‼ ابن عبَّاسٍ الأمانة بالفرائض.
          والحديث بهذا السَّند من أفرادهِ، ورواه مسلمٌ من طريق معمر، عن الزُّهريِّ بلفظ: «تجدون النَّاس كإبلٍ مئةٍ، لا يجد الرَّجل(4) فيها راحلةً(5)».


[1] في (ع): «و».
[2] في (ص): «فإنَّ».
[3] في (ص): «فتقول».
[4] في (س): «تجدون» بدل قوله: «يجد الرجل».
[5] في (د): «واحدة».