إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت {ألهاكم التكاثر}

          6440- (وَقَالَ لَنَا أَبُو الوَلِيدِ) هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، وهذا ظاهره الوصلُ وليس للتَّعليق، وإن قيل: إنَّه للإجازةِ، أو للمُناولةِ(1) أو للمذاكرة؛ لأنَّ في ذلك حُكم الموصول. نعم، الَّذي يظهرُ بالاستقراء من صنيع المؤلِّف أنَّه لا يأتي بهذه الصِّيغة إلَّا إذا كان المتن ليس على شرطهِ في أصلِ موضوعِ كتابه، كأنْ يكون ظاهره الوقف، أو في السَّند من ليس على شرطهِ في الاحتجاج، قاله في «الفتح».
          (حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ) بفتحتين (عَنْ ثَابِتٍ) البُنانيِّ (عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُبَيٍّ) بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد / التحتية، ابن كعبٍ الأنصاريِّ ☺ ، أنَّه (قَالَ: كُنَّا نَرَى) بفتح النون، أي: نعتقدُ، ولأبي ذرٍّ: ”نُرى“ بضمِّها، أي: نظنُّ (هَذَا) الحديث: «لو كانَ لابنِ آدمَ واديان من مالٍ لتمنَّى واديًا ثالثًا» كما عند الإسماعيليِّ (مِنَ القُرْآنِ حَتَّى نَزَلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}[التكاثر:1]) السُّورة الَّتي هي بمعنى الحديثِ فيما تضمَّنه من ذمِّ الحرصِ على الاستكثارِ من جمعِ المال، والتَّقريع بالموت الَّذي يقطع ذلك، ولا بدَّ لكلِّ أحدٍ منه، فلمَّا نزلت هذه السُّورة وتضمَّنت معنى ذلك مع الزِّيادة عليه علموا أنَّ الحديثَ من كلامه صلعم وأنَّه ليس قرآنًا، وقيل: إنَّه كان قرآنًا، فلمَّا نزلت: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} نُسخت تلاوتهُ دون حكمه ومعناه.


[1] في (د): «للتناول».