إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه

          6405- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) القعنبيُّ (عَنْ مَالِكٍ) الإمام (عَنْ سُمَيٍّ) مولى أبي بكر ابن عبد الرَّحمن المخزوميِّ (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) ذكوان (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ) الواو للحال، أي: سبحانَ الله متلبِّسًا(1) بحمدي له من أجل توفيقهِ لي للتَّسبيح (فِي يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ) متفرِّقة؛ بعضها أوَّل النَّهار وبعضها آخره، أو متوالية، وهو أفضل خصوصًا في أوَّله (حُطَّتْ خَطَايَاهُ) الَّتي بينه وبين الله (وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ). وهذا وأمثالهُ نحو: «ما طلعتْ عليه الشَّمس» كناياتٌ عُبِّر بها عن الكثرة، وقد يشعر هذا بأنَّ التَّسبيح أفضل من التَّهليل من حيث إنَّ عدد(2) زبد البحر أضعاف أضعافِ المئة المذكورة في مقابلة التَّهليل.
          وأُجيب بأنَّ ما جُعِل في مقابلة التَّهليل من عتق الرِّقاب يزيد على فضل التَّسبيح وتكفير الخطايا؛ إذ ورد «أنَّ من أعتق رقبةً أعتق الله بكلِّ عضوٍ منها عضوًا منه من النَّار» فحصل بهذا العِتق تكفير جميع الخطايا عمومًا بعدما ذكره خصوصًا(3) مع زيادة مئة درجةٍ، ويؤيِّده حديث: «أفضلُ الذِّكر التَّهليل» وأنَّه أفضل ما قاله هو والنَّبيُّون من قبله، ولأنَّ التَّهليل صريحٌ في التَّوحيد، والتَّسبيح متضمِّنٌ له، ومنطوق «سبحان الله» تنزيهٌ ومفهومه توحيدٌ، ومنطوق «لا إله إلَّا الله» توحيدٌ ومفهومه تنزيهٌ، فيكونُ أفضل من التَّسبيح؛ لأنَّ التَّوحيد أصلٌ والتَّنزيه ينشأُ عنه.
          والحديثُ أخرجهُ التِّرمذيُّ في «الدَّعوات» والنَّسائيُّ في «اليوم واللَّيلة» وابن ماجه في «ثواب التَّسبيح».


[1] في (ص) و(ع): «ملتبسًا».
[2] «عدد»: ليست في (ص).
[3] «عمومًا بعد ما ذكره خصوصًا»: ليست في (د).