إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: باسمك اللهم أموت وأحيا

          6324- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضل بن دُكين قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيينة (عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ) بضم العين وفتح الميم (عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ) بكسر الراء وسكون الموحدة وكسر العين المهملة، و«حِرَاشٍ» بكسر الحاء المهملة وفتح الراء المخففة وبعد الألف شين معجمة (عَنْ حُذَيْفَةَ) بن اليمانِ ☺ ، أنَّه (قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلعم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَالَ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا) بفتح الهمزة. قال القرطبيُّ: فيه أنَّ الاسم عينُ المسمَّى، فهو كقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}[الأعلى:1] أي: سبِّح ربَّك. والمعنى: نزِّه تسمية ربِّك بأن تذكرهُ وأنت له معظِّمٌ ولذكرهِ مُحترمٌ، فالاسم يكون بمعنى التَّسمية، وقال الإمام: كما يجبُ تنزيه ذاتهِ وصفاتهِ عن النَّقائص يجبُ تنزيه الألفاظ الموضوعةِ‼ لها(1) عن الرَّفث وسوءِ الأدب، وقال آخرون: المعنى: نزِّه ربَّك، فالاسم صلةٌ؛ لأنَّ أحدًا لا يقول: سبحان اسم الله؛ بل سبحان الله، وقد سمَّى الله تعالى نفسه بالأسماءِ الحسنى، ومعانيها ثابتةٌ له، فكلُّ ما ظهر في الوجودِ فهو صادرٌ عن تلك المقتضياتِ، فكأنَّه قال: باسمكَ المحيي أحيا، وباسمك المميت أموتُ. وقال بعضُهم: المحيي مَن أحيا قلوب العارفين بأنوارِ معرفته وأرواحَهم بلطيفِ(2) مُشاهدته، والمميت مَن أماتَ القُلوب بالغفلةِ والنُّفوس باستيلاءِ الزَّلَّة والعقول بالشَّهوة.
          (وَ) كان صلعم (إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ قَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا) أطلق الموتَ على النَّوم لِما بينهما من الشَّبه بجامعِ ما بينهما من عدمِ الإدراك والانتفاع بما شُرع من القُربات، فحمد الله تعالى شكرًا على ردِّ ذلك لينال ذلك، وهذا صدر منه صلعم على جهة العبوديَّة والتَّعليم (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) الإحياءُ للبعثِ، أو المرجع في نيل الثَّواب ممَّا نكتسبه في حياتنا هذه.
          والحديثُ مرَّ في «باب ما يقول إذا نام» [خ¦6312].


[1] في (ع): «الموصوفة بها».
[2] في (ب) و(س): «بلطائف».