إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن النبي صلى بهم بالبطحاء وبين يديه عنزة

          495- وبه قال‼: (حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ) هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ البصريُّ (قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) ابن الحجَّاج (عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ) بفتح العين وسكون الواو (قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي) أبا جُحَيفة بضمِّ الجيم وفتح المُهمَلة، واسمه وهب بن عبد الله، السُّوائيُّ بضمِّ السِّين (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم صَلَّى بِهِمْ بِالبَطْحَاءِ) خارج مكَّة، و(1) يُقال له: الأبطح (وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ) بفتح العين والنُّون، كنصف رمحٍ، لكنَّ سنانها في أسفلها، بخلاف الرُّمح فإنَّه في أعلاه، والجملة حاليَّةٌ (الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ) نُصِبَ على الحال، أو بدلٌ من المفعول، وزاد في رواية آدم عن شعبة عن عونٍ: «أنَّ ذلك كان بالهاجرة»، قال النَّوويُّ: فيكون ╕ جمع حينئذٍ بين الصَّلاتين في وقت الأولى منهما (تَمُرُّ(2) بَيْنَ يَدَيْهِ) أي: بين العنزة والقبلة (المَرْأَةُ وَالحِمَارُ) لا بينه وبين العَنَزَة(3) لأنَّ في رواية عمر بن أبي زائدة في «باب(4) الصَّلاة في الثَّوب الأحمر» [خ¦376]: «ورأيت النَّاس والدَّوابَّ يمرُّون بين يدي العَنَزَة». وقد اختُلِف فيما يقطع الصَّلاة(5)، فذهبت طائفةٌ إلى ظاهر حديث أبي ذَرٍّ المرويِّ في «مسلمٍ» من كون مرور الحمار والكلب يقطع الصَّلاة، وقال الإمام أحمد: لا شكَّ في الكلب الأسود، وفي قلبي من الحمار والمرأة شيءٌ، وذهب الشَّافعيُّ: إلى أنَّه لا يقطع الصَّلاة شيءٌ، لا الكلب ولا الحمار ولا المرأة ولا غيرها، والتَّشديد الوارد فيه هو لما يشغل قلب المصلِّي، ولا يخفى أنَّ ما رواه ابن عبَّاسٍ كان قبل وفاته صلعم بثمانين يومًا، فيكون ناسخًا لحديث أبي ذَرٍّ المذكور، والله أعلم.
          ورواة هذا الحديث الأربعة ما بين بصريٍّ وكوفيٍّ، وفيه: التَّحديث والعنعنة والسَّماع، وأخرجه المؤلِّف أيضًا في «الصَّلاة» [خ¦376] وفي «ستر العورة» [خ¦187] و«الأذان» [خ¦633] وفي(6) «صفة النَّبيِّ صلعم » [خ¦3566] و«اللِّباس» [خ¦5786] وفي «باب السُّترة بمكَّة» [خ¦501]، ومسلمٌ وأبو داود والتِّرمذيُّ وابن ماجه في «الصَّلاة».


[1] «و»: سقط من (د) و(م).
[2] في (س): «يمرُّ».
[3] في (د): «السُّترة».
[4] في (د): «كتاب»، وهو تحريفٌ.
[5] في (د) و(م): «فيها هل تقطع الصَّلاة أم لا؟».
[6] «في»: مثبتٌ من (م).