إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أم سلمة: لا يدخلن هؤلاء عليكن

          5887- وبه قال: (حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) أبو غسان النَّهديُّ الحافظ قال: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ) هو ابنُ معاوية الجُعفيُّ قال: (حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: أَنَّ) أباهُ (عُرْوَةَ) بن الزُّبير (أَخْبَرَهُ: أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ) ولأبي ذرٍّ: ”بنت“ (أَبِي سَلَمَةَ) عبد الله بن عبد الأسدِ (أَخْبَرَتْهُ(1): أَنَّ) أمَّها (أُمَّ سَلَمَةَ) هند بنت أميَّة زوج النَّبيِّ صلعم (أَخْبَرَتْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صلعم كَانَ عِنْدَهَا، وَفِي البَيْتِ مُخَنَّثٌ) بفتح النون وكسرها، هو المؤنث من الرِّجال وإن لم تُعرف منه الفاحشة، فإن كان ذلك فيه خِلْقةً فلا لوم عليه، وعليه أن يتكلَّف إزالةَ ذلك، وإن كان بقصدٍ منه فهو المذمومُ، كما مرَّ قريبًا [خ¦5885] واسم هذا المخنَّث: هِيت، كما عند ابن حبَّان وأَبَوَي يعلى وعَوَانة وغيرهم، وفي «مغازي ابن إسحاق» أنَّ اسمه ماتع _بالفوقية_ وقيل بنون (فَقَالَ) المخنَّث (لِعَبْدِ اللهِ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ: يَا عَبْدَ اللهِ، إِنْ فُتِحَ لَكُمْ غَدًا الطَّائِفُ) بضم الفاء وكسر الفوقية من «فتح» ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”إنْ فتحَ الله لكُم غدًا الطَّائف“ (فَإِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى بِنْتِ غَيْلَانَ) اسمها بادِية _بموحدة فألف فدال مهملة مكسورة فتحتية، أو بنون بدل التَّحتية_، واسم جدِّها سلمة (فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : لَا يَدْخُلَنَّ هَؤُلَاءِ) المخنَّثون (عَلَيْكُنَّ) وفي رواية الحَمُّويي والمُستملي: ”عليكم“ بالميم، وَوُجِّه: بأنَّه جمع مع النِّساء المخاطبات من يلوذُ بهنَّ من صبي ووصيفٍ فجازَ التَّغليب، وأمَّا قوله: تُقبلُ بأربعٍ وتُدبرُ بثمانٍ، فقال ابنُ حبيبٍ عن مالك: معناه أنَّ أَعْكانها ينعطفُ(2) بعضُها على بعضٍ، وهي في بطنهَا(3) أربع طرائقَ(4)، وتبلغُ أطرافها إلى خاصرتهَا في كلِّ جانبٍ أربع، ولإرادةِ العُكن ذكر الأربع والثَّمان، وإلَّا فلو أرادَ الأطرافَ لقال: بثمانيةٍ.
          (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) البخاريُّ: (تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ، وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ(5)؛ يَعْنِي أَرْبَعَ عُكَنِ بَطْنِهَا) جمع عُكْنة، وهي الطَّيُّ الَّذي في البطنِ من السِّمن (فَهْيَ تُقْبِلُ بِهِنَّ) / من كلِّ ناحيةٍ ثنتان (وَقَوْلُهُ: وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ؛ يَعْنِي أَطْرَافَ هَذِهِ العُكَنِ الأَرْبَعِ لأَنَّهَا مُحِيطَةٌ بِالجَنْبَيْنِ حَتَّى لَحِقَتْ، وَإِنَّمَا قَالَ: بِثَمَانٍ) بالتَّذكير (وَلَمْ يَقُلْ: بِثَمَانِيَةٍ) بالتَّأنيث (وَوَاحِدُ الأَطْرَافِ وَهْوَ) المميز (ذَكَرٌ) أي: مذكَّر (لأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: ثَمَانِيَةَ أَطْرَافٍ) أي: لأنَّه إذا لم يكنْ المميز مذكورًا جازَ في العددِ التَّذكير والتَّأنيث، والحاصلُ أنَّه وصفها بأنَّها مملوءة البدن بحيث يكون لبطنهَا عُكنٌ من سِمَنها.
          وهذا الحديثُ مرَّ في أواخر‼ «كتاب النِّكاح» في «باب ما ينهى من دخولِ المتشبِّهين بالنِّساء» [خ¦5235].
          ولما فرغَ المصنِّف من «اللِّباس» شرعَ يذكرُ ما له تعلق به من جهةِ الاشتراك في الزِّينة، وبدأَ بالتَّراجم المتعلِّقة بالشُّعورِ وما أشبههَا، فقال:


[1] «أخبرته»: ليست في (ص) و(م).
[2] في (م) و(د): «منعطف»، وفي (ص): «تنعطف».
[3] في (م): «نفسها»، وفي (د): «وهي في».
[4] في (ب): «طبائق».
[5] «وتدبر بثمان»: ليست في (د).