إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إنا اتخذنا خاتمًا ونقشنا فيه نقشًا

          5874- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ) عبد الله بن عَمرو المِنْقَريُّ المقعد قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) ابن سعيدٍ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ) البُنَانيُّ الأعمى (عَنْ أَنَسٍ ☺ ) أنَّه (قَالَ: صَنَعَ النَّبِيُّ صلعم ) ولأبي ذرٍّ: ”اصْطَنعَ“ بطاء مهملة مفتوحة بعد الصاد الساكنة، افتعل من الصُّنع، أي: اتَّخذ فأبدل(1) من تاء الافتعال طاءً لتقاربهمَا في المخرج (خَاتَمًا، قَالَ: إِنَّا اتَّخَذْنَا خَاتَمًا) أي: من فضة (وَنَقَشْنَا) بفتح القاف وسكون المعجمة (فِيهِ نَقْشًا) وهو محمَّد رسولُ الله (فَلَا يَنْقُشْ) بالجزم على النَّهي، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”فلا ينقشنَّ“ بنون التَّوكيد الثَّقيلة (عَلَيْهِ أَحَدٌ) وفي رواية ابنِ عمر «لا ينقشْ أحدٌ على نقشِ خَاتمي هذا» وهو صفةٌ لمصدرٍ محذوفٍ، أي: نقشًا كائنًا على نقش خاتمي ومماثلًا / له. قال النَّوويُّ: وسبب النَّهي أنَّه إنَّما نقشَ على خاتمه محمد رسول الله؛ ليختم به كتبَه إلى الملوكِ، فلو نقش غيرُه مثلَه لدخلتِ المفسدة وحصلَ الخللُ وفاتَ المقصود (قَالَ) أنسٌ: (فَإِنِّي لأَرَى) بفتح الهمزة (بَرِيقَهُ) بفتح الموحدة وكسر الراء، لَمَعانَهُ (فِي خِنْصَرِهِ) قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: السُّنَّة للرَّجل جعل خاتمه في الخِنْصَرِ؛ لأنَّه أبعد من الامتهان فيما يتعاطَى باليد لكونه طرفًا، ولأنَّه(2) لا يشغل اليد عمَّا تتناوله(3) من أشغالها(4) بخلافِ غير الخِنْصَر، ويكرهُ له جعله في الوسطى والسَّبابة للحديث، وهي كراهةُ تنزيهٍ.
          وحديث الباب أخرجهُ النَّسائيُّ في «الزِّينة».


[1] في (د): «فأبدلت».
[2] في (م): «لكونه».
[3] في (م): «على ما يتناوله»، وفي (ب): «تناوله».
[4] في (ص) و(م): «اشتغالها».