إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب

          5307- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) بالموحدة والمعجمة المشددة، ابن عثمان، أبو بكر العبديُّ مولاهم، الحافظُ بُنْدار قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ) محمَّد أبو عَمرو البصريُّ (عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ) الأزديُّ مولاهم الحافظ قال: (حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ) مولى ابن عبَّاسٍ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ : أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ) أحد الثَّلاثة الَّذين تخلَّفوا عن غزوةِ تبوك (قَذَفَ امْرَأَتَهُ) خولة بنت عاصمٍ بشريك بن سَحْماء (فَجَاءَ) إلى النَّبيِّ صلعم (فَشَهِدَ) أربع شهاداتٍ بالله إنَّه لمن الصَّادقين فيما رماها به من الزِّنا(1)، والخامسة أنَّ لعنةَ الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به (وَالنَّبِيُّ صلعم يَقُولُ: إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ) ظاهره أنَّ قوله: أنَّ أحدَكما كاذبٌ صدر منه صلعم في حال الملاعنة لتحقُّق الكذبِ حينئذٍ، وفي أحدكما تغليبُ المذكَّر على المؤنَّث‼ (فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟) وزاد الطَّبريُّ والحاكم من رواية جريرِ بن حازمٍ، عن أيُّوب، عن عكرمةَ، فقال هلال: «والله إنِّي لصادقٌ» (ثُمَّ قَامَتْ) زوجته خولة (فَشَهِدَتْ) أربع شهاداتٍ بالله إنَّه لمن الكاذبين فيما رماها به... الحديثَ. وسبقَ بتمامه في «تفسير سورة النُّور» [خ¦4747] وهو ظاهرٌ في تقدُّم الرَّجل على المرأةِ في اللِّعان وهو مذهب الشَّافعيِّ وأشهب من المالكيَّة ورجَّحه ابن العربيِّ، وقال ابنُ القاسم: لو ابتدأتْ به المرأة صحَّ واعتدَّ به، وهو قولُ أبي حنيفة، واحتجَّ(2) لذلك بأنَّ الله عطفه بالواو وهي لا تقتضِي التَّرتيب، لنا أنَّ اللِّعان شرعَ لدفع الحدِّ عن الرَّجل، فلو بُدئ بالمرأةِ لكان دفعًا لأمرٍ لم يثبتْ، وبأنَّ الرَّجل يمكنه أن يرجعَ بعد أن يلتعنَ فيندفعَ عن المرأة، بخلاف ما لو بدأتْ به، فلو حكم حاكمٌ بتقديمِ لعانها نقضَ حكمُه.


[1] «من الزنا»: ليست في (م) و(ص) و(د).
[2] في (م) و(ص): «واحتجوا».