إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث عائشة: أن النبي تزوجها وهي بنت ست سنين

          5134- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ) بتشديد اللام المفتوحة، العمِّيُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ) بضم الواو مصغَّرًا، ابنُ خالدٍ البصريُّ (عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ) ♦ : (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم تَزَوَّجَهَا وَهْيَ بِنْتُ سِتَّ سِنِينَ) كذا بفتح «ستَّ» في الفرع، وفي الأصل بالجر(1)، والواو للحال (وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ).
          قال الجوهريُّ: بنى على أهله بناءً، أي: زفَّها، والعامَّة تقول: بنى بأهله، وهو خطأٌ، وكان الأصل فيه أنَّ الدَّاخل بأهله يضرب عليها قبَّةً عند دخولهِ بها، فقيل لكلِّ داخلٍ على أهله: بانٍ، وعليه كلام التُّورِبِشتيُّ والقاضي، وبالغا في التَّخطئة حتَّى تجاوزا إلى تخطئة الرَّاوي. وأجاب الطِّيبيُّ بعد أن ذكر ذلك بأنَّ استعمال بَنى عليها بمعنى: زفَّها في بدء الأمر كنايةً، فلمَّا كثر استعمالهُ في الزِّفاف فُهم منه معنى الزِّفاف، وإن لم يكن ثمَّة بناءٌ، فأيُّ بُعد في أن ينتقل من المعنى الثَّاني إلى ثالثٍ، فيكون بمعنى: أعرس بها؟ قال: ويوضح هذا ما قاله صاحب «المغرب»: أصله أنَّ المعرِّسَ(2) كان يبني على أهله ليلةَ الزِّفاف خباءً، ثمَّ كثر حتَّى كني به عن الوطءِ، وعن ابن دريدٍ: بنى بامرأتهِ بالباء كأعرس بها.
          (قَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”فقال“ (هِشَامٌ) أي: ابن عروةَ _بالسَّند السَّابق_: (وَأُنْبِئْتُ) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (أَنَّهَا) أي: عائشة (كَانَتْ عِنْدَهُ) صلعم (تِسْعَ سِنِينَ)‼ ثمَّ توفي صلعم ، والله أعلم.


[1] قوله: «كذا بفتح ست في الفرع وفي الأصل بالجر» ليس في (د).
[2] في (م): «العريس».