إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل

          5113- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ) بتخفيف اللام، قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ) بضم الفاء، محمدٌ قال: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ) عروةَ بنِ الزُّبير أنَّه (قَالَ: كَانَتْ خَوْلَةُ) بفتح الخاء المعجمة (بِنْتُ حَكِيمٍ) بفتح المهملة، ابنِ أميَّةَ السَّلَميَّة، وكانت امرأةَ عثمانَ بنِ مظعونَ، وكانت من السَّابقات إلى الإسلام (مِنَ اللَّائِي) بالهمزة (وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِلنَّبِيِّ صلعم ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ) _فيه إشعارٌ بأنَّ عروة حمل الحديث عن عائشةَ، فلا يكون مرسلًا_: (أَمَا) بتخفيف الميم (تَسْتَحِي المَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِلرَّجُلِ؟) زاد محمد بنُ سيرينَ: «بغير صَدَاق» (فَلَمَّا نَزَلَتْ: {تُرْجِي}) أي: تؤخِّر ({مَن تَشَاء مِنْهُنَّ}(1)) وفي رواية عبدةَ بنِ سليمانَ: فأنزل الله: {تُرْجِي مَن تَشَاء}[الأحزاب:51] وهي أظهرُ في أنَّ نزول هذه الآية بهذا السَّبب (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَرَى) بفتح الهمزة (رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ) أي: في رِضاك (رَوَاهُ) أي: الحديث المذكور (أَبُو سَعِيدٍ) محمد بنُ مسلمِ بنِ أبي الوضَّاح (المُؤَدِّبُ) وكان مؤدِّبَ موسى الهادي، فيما وصله ابن مَرْدَويه في «تفسيره» من طريق منصور بنِ أبي مُزَاحم عنه (وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ) بكسر الموحدة وسكون المعجمة، العَبديُّ الكوفيُّ، فيما(2) وصله الإمام أحمد عنه بتمام الحديث (وَعَبْدَةُ) بنُ سليمانَ، فيما وصله مسلمٌ وابن ماجه؛ الثَّلاثة: (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عروةَ بنِ الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ) ♦ (يَزِيدُ بَعْضُهُمْ) في روايته (عَلَى بَعْضٍ) فأمَّا لفظ رواية ابن مَرْدَويه فهو: قالت الَّتي وهبَت نفسها للنَّبيِّ صلعم خولةُ بنتُ حكيمٍ. وأمَّا روايةُ الإمام أحمد عنها فهو: كانَت تعيِّرُ اللَّاتي وهبنَ أنفسهنَّ، فلمَّا نزلت: {تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ} قالتْ: إنِّي لأرى ربَّك يسارعُ لك في هواك. وأمَّا رواية مسلمٍ فلفظها أنَّها كانت تقول: أما تستَحي المرأةُ تهب نفسَها لرجلٍ؟ حتى أنزلَ الله: {تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء}[الأحزاب:51]‼ فقلت: إنَّ ربَّك يسارعُ لك في هواك. وإنَّما قالت عائشةُ ذلك لما عندَها من الغيرةِ الَّتي طبعت عليها النِّساء، وإلَّا فقد علمت أنَّ الله تعالى قد أباح لنبيِّه صلعم ذلك، وأنَّ جميع النِّساء لو ملَّكه الله رقَّهُنَّ لكان قليلًا، فيغتفرُ في الغيرةِ ما لا يُغتفر في غيرها من الحالاتِ، والله أعلم.


[1] في (د) و(م) زيادة: {وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء}.
[2] في (د) و(م): «مما».