إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها

          5083- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) التَّبوذَكيُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ) بن زيادٍ قال: (حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ صَالِحٍ) أي: ابن حيٍّ (الهَمْدَانِيُّ) بسكون الميم والدال المهملة المفتوحة، قال: (حَدَّثَني) بالإفراد، والذي في «اليونينية» بالجمع(1) (الشَّعْبِيُّ) عامرُ بنُ شراحيلَ قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبُو بُرْدَةَ) بضم الموحدة وسكون الراء، عامر (عَنْ أَبِيهِ) أبي موسى عبدِ الله ابن قيسٍ الأشعريِّ أنَّهُ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ وَلِيدَةٌ) أي: أمةٌ (فَعَلَّمَهَا) ما يجب تعليمهُ من الدِّين (فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، وَأَدَّبَهَا) لتتخلَّقَ بالأخلاقِ الحميدةِ (فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا) برفقٍ ولطف من غير عنفٍ (ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا) بعد أن أصدَقَها (فَلَهُ أَجْرَانِ) أجرُ العتقِ، وأجرُ التَّزويجِ (وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ) التَّوراة والإنجيل، أو الإنجيل فقط على القولِ بأنَّ النَّصرانيةَ ناسخةٌ لليهوديَّةِ، حالَ كونه قد (آمَنَ بِنَبِيِّهِ) قال الدَّاوديُّ: يعني كان على دينِ عيسى، وأمَّا اليهودُ وكثيرٌ من النَّصارَى فليسوا من ذلك لأنَّه لا يُجازَى على الكفرِ بالخيرِ. قال / في «المصابيح»: وهذا ظاهرٌ من الحديث، فإنَّ اليهودَ الَّذين بقُوا على يهوديَّتهم بعد إرسالِ عيسى ◙ لا يصدُقُ عليهم أنَّهم آمنُوا بنبيِّهم. قال: فإذَن هاتانِ الطَّائفتانِ خارجتانِ عن معنى الحديثِ(2)، فتأمَّلهُ (وَآمَنَ بِي) ولأبي ذرٍّ والوقتِ: ”وآمنَ يعنِي: بي“ (فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا مَمْلُوكٍ أَدَّى حَقَّ مَوَالِيهِ) بلفظ الجمع ليدخُلَ ما لو كان مُشترِكًا بين موالٍ، والمراد من حقِّهِم خدمتُهُم (وَحَقَّ رَبِّهِ) تعالى كالصَّلاة والصَّوم (فَلَهُ أَجْرَانِ).
          ومباحث الحديث سبقت في «العلم» [خ¦97] و«الجهاد» [خ¦3011].
          و(قَالَ الشَّعْبِيُّ) عامرٌ، لراويه صالح بن صالحٍ، أو لرجُلٍ من خراسانَ، ففي روايةِ هشيمٍ، عن صالح بن صالحٍ المذكور، قال: رأيتُ رجلًا من أهلِ خراسانَ سألَ الشَّعبيَّ، فقال: إنَّ مَن قبلَنَا من أهلِ خُراسانَ(3) يقولون في الرَّجُل إذا أعتقَ أمَتَه ثمَّ تزوَّجَها، فهو كالرَّاكِبِ بدنتهُ، فقال الشَّعبيُّ:... فذكر الحديث إلى أن قال له: (خُذْهَا) أي: المسألة (بِغَيْرِ شَيْءٍ) من أجرةٍ، بل بثوابِ التَّعليم (قَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِيمَا دُونَهُ) أي: المذكور، ولأبي ذرٍّ: ”دُونَها“ أي‼: المسألةِ المذكورةِ (إِلَى المَدِينَةِ) النَّبويَّة. (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ) بسكون الكاف، شعبةُ بن عيَّاش _بالتحتية آخره شين معجمة_ القارئُ، ممَّا وصله أبو داود الطَّيالسيُّ في «مسنده»: (عَنْ أَبِي حَصِينٍ) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين، عثمانُ بن عاصم (عَنْ أَبِي بُرْدَةَ) عامر (عَنْ أَبِيهِ) أبي موسى الأشعريِّ ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ...) الحديثَ. وقال فيه: (أَعْتَقَهَا ثُمَّ أَصْدَقَهَا). فصرَّحَ بثبوتِ الصَّداقِ هنا بخلافِ الرِّوايةِ السَّابقةِ، فإن ظاهِرَها أن يكونَ العتقُ نفسَ المهر.


[1] قوله: «والذي في اليونينيَّة بالجمع»: ليس في (د).
[2] عبارة المصابيح: «... خارجتان بمقتضى الحديث».
[3] في (م) و(د): «الكتاب».