إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه

          ({يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ}) من قبورهِم ({لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[المطففين:6]) لأجلِ أمرِه وحسابهِ وجزائهِ، وهذه الآيَة ثبتت لأبي ذرٍّ.
          4938- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ) القُرشيُّ الحِزاميُّ _بكسر المهملة والزاي(1)_ المدنيُّ قال: (حَدَّثَنَا مَعْنٌ) هو ابنُ عيسى القزَّاز قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَالِكٌ) الإمامُ الأعظم، والحديثُ من غرائبهِ، و(2) ليسَ من «موطئه» (عَنْ نَافِعٍ، عَنْ / عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ☻ : أَنَّ النَّبِيَّ) ولأبي ذرٍّ: ”رسولَ الله“ ( صلعم قَالَ: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[المطففين:6]) يومَ القيامة، وتدنُو الشَّمس منهم مقدارَ ميلٍ (حَتَّى يَغِيبَ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ) بفتح الراء وسكون المعجمة في الفَرْع وضبطَه في «الفتح» و(3)«المصابيح» بفتحتين جميعًا: عَرَقه؛ لأنَّه يخرجُ من بدنهِ شيئًا فشيئًا، كما يترشَّح الإناءُ المتحلِّل الأجزاء، وفي روايةِ سعيد بن داود: ”حتَّى إنَّ العرقَ يلجُم أحدهم“ (إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ) قال الكَرْمانيُّ: فإن قلتَ: ما وجهُ إضافةِ الجمعِ إلى المثنَّى؟ وهل هو مثلُ: {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}[التحريم:4] وأجابَ: بأنَّه لمَّا كان لكلِّ شخصٍ أُذنانِ بخلافِ القلب؛ لا يكونُ مثله بل يصيرُ من بابِ إضافةِ الجمعِ إلى الجمع حقيقةً ومعنًى. انتهى. وحكى القاضِي أبو بكر ابن العربي: أنَّ كلَّ أحدٍ يقوم عَرَقُه معهُ، وهو خلافُ المعتادِ في الدُّنيا، فإنَّ الجماعة إذا وقفُوا في الأرضِ المعتادة أخذهُم الماءُ أخذًا واحدًا لا يتفاوتُون فيه، وهذا من القُدْرة الَّتي تخرقُ العادَات، والإيمانُ‼ بها من الواجباتِ، ويأتي لذلك إن شاء الله تعالى في محلِّه بعونِ الله تعالى وفضلهِ وكرمهِ.


[1] قوله: «بكسر المهملة والزاي»: مثبت من (ص).
[2] «و»: ليس في (ص) و(م).
[3] قوله: «الفتح و»: ليس في (ص).