إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ألا رجل يضيف هذه الليلة يرحمه الله

          4889- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثنا“ (يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ) الدَّورقيُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حمَّاد بنُ أسامة قال: (حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ) بضم الفاء وفتح المعجمة مصغَّرًا، و«غَزْوان»: بغين مفتوحة فزاي ساكنة معجمتين، قال: (حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ) بالحاء المهملة والزاي(1)، سلمان(2) (الأَشْجَعِيُّ) بالمعجمة والجيم (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ) أنَّه (قَالَ: أَتَى رَجُلٌ) هو أبو هريرةَ، كما وقع مفسَّرًا في رواية الطَّبريِّ (رَسُولَ اللهِ صلعم ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَصَابَنِي الجَهْدُ) المشقَّة والجوعُ / (فَأَرْسَلَ) ╕ (إِلَى نِسَائِهِ) أمَّهات المؤمنين يطلبُ منهنَّ ما يضيِّفه به (فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُنَّ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : أَلَا) بتخفيف اللام‼، للتَّحضيضِ (رَجُلٌ يُضَيِّفُ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”يُضَيِّفه“ بزيادة الضَّمير والتحتية مضمومة والضاد المعجمة مفتوحة بعدها تحتية مشدَّدة فيهما (هَذِهِ اللَّيْلَةَ يَرْحَمُهُ اللهُ) بصيغة المضارع، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”رحـمه الله“ (فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ) هو أبو طلحَة، وتردَّد الخطيبُ هل هو زيدُ بنُ سهلٍ المشهور، أو صحابيٌّ آخر يكنَّى أبا طلحَة؟ وليس هو أبا(3) المتوكِّل النَّاجي؛ لأنَّه تابعيٌّ إجماعًا (فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ) أضيِّفه (فَذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ) أمِّ سُلَيم: هذا (ضَيْفُ رَسُولِ اللهِ صلعم ، لَا تَدَّخِرِيهِ) بتشديد الدال المهملة، أي: لا تمسكِي عنه (شَيْئًا) من الطَّعام (قَالَتْ: وَاللهِ مَا عِنْدِي إِلَّا قُوتُ الصِّبْيَةِ) بكسر الصاد، جمع: صبيٍّ، أنس وإخوته (قَالَ: فَإِذَا أَرَادَ الصِّبْيَةُ العَشَاءَ) بفتح العين (فَنَوِّمِيهِمْ) حتَّى لا يأكلوا، وقول البرْماويِّ _كالكرْمانيِّ_: وهذا القدرُ كان فاضلًا عن قدرِ ضرورتهم، وإلَّا فنفقةُ الأطفالِ واجبةٌ والضِّيافة سُنَّة. فيه نظرٌ؛ لأنَّها صرَّحت بقولها: والله ما عندي إلَّا قوتُ الصِّبية. فلعلَّها علمتْ صبرهُم لقلَّة جوعِهم، وهيَّأت لهم ذلك(4) ليأكُلوه على عادةِ الصِّبيان للطَّلب من غير جوعٍ يضرُّ(5) (وَتَعَالَيْ) بفتح اللام وسكون الياء (فَأَطْفِئِي السِّرَاجَ) بهمزة قطع (وَنَطْوِي بُطُونَنَا اللَّيْلَةَ) أي: نجمعُها؛ لأنَّ الجُوع يطوي جلدَ البطن (فَفَعَلَتْ) زوجتُه ذلك (ثُمَّ غَدَا الرَّجُلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم فَقَالَ) ╕ : (لَقَدْ عَجِبَ اللهُ ╡ _أَوْ: ضَحِكَ_) بالشَّكِّ من الرَّاوي، أي: رضي وقبل (مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ) أبي طلحةَ وأمِّ سُليم أو غيرهما على الخلافِ (فَأَنْزَلَ اللهُ ╡: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر:9]).
          وهذا الحديثُ ذكره في «بابِ قولِ الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ}». من «مناقبِ الأنصار» [خ¦3798].


[1] في (م) زيادة: «المعجمة».
[2] في (م): «سليمان».
[3] في (ج) و(ل): «أبو».
[4] في (د): «ذلك لهم».
[5] في (د): «مضر».