إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كاد الخيران أن يهلكا

          4845- وبه قال: (حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ) بفتح التَّحتية والسين المهملة المخفَّفة، و«جَمِيل»: بفتح الجيم وكسر الميم (اللَّخْمِيُّ) بفتح اللام وسكون الخاء المعجمة قال: (حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ) الجمحيُّ المكيُّ (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ) بضم الميم مصغَّرًا، عبد الله، أنَّه (قَالَ: كَادَ الخَيِّرَانِ) بفتح المعجمة(1) وتشديد التحتية، الفاعلان للخير الكثيرِ (أَنْ يَهْلِكَا) بكسر اللام، وإثبات «أنْ» قبلُ، وحذف نون الرَّفع في الفرع وأصله نصبٌ بـ «أنْ» ولأبي ذرٍّ: ”يَهلِكَان“ بنون الرَّفع مع ثبوت «أنْ» قبل، وقال في «الفتح»: كاد الخيِّران يهلكان، يعني: بحذف «أنْ» وإثبات نون الرَّفع لأبي ذرٍّ، وفي(2) رواية: ”يَهلكَا“ بحذف النُّون نصب بتقدير: «أن»، قال: وقد أخرجه أحمدُ، عن وكيعٍ، عن نافعٍ، عن ابنِ عمر بلفظِ: أن يهلِكَا، ونسبها ابن التِّين لرواية أبي ذرٍّ (_أَبَا بَكْرٍ) نصب خبر «كادَ»(3) (وَعُمَرَ) عطف عليه ( ☻ _) ولأبي ذرٍّ: ”أبو بكر وعمرُ“ بالرفع فيهما (رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النَّبيِّ صلعم حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ) سنةَ تسعٍ، وسألوا النَّبيَّ صلعم أن يؤمِّرَ عليهم أحدًا (فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا) هو عمر بن الخطَّاب كما عندَ ابنِ جريج(4) في الباب التالي [خ¦4847] (بِالأَقْرَعِ) واسمه فراس (بْنِ حَابِسٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ) بضم الميم وبعد الجيم ألف‼ فشين معجمة فعين مهملة، التَّميميُّ الدَّارميُّ (وَأَشَارَ الآخَرُ) هو: أبو بكرٍ (بِرَجُلٍ آخَرَ، قَالَ نَافِعٌ) / الجُمَحيُّ: (لَا أَحْفَظُ اسْمَهُ) في الباب التَّالي: أنَّه القعقاعُ بنُ معبد بنِ زرارةَ [خ¦4847] (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ) ☻ : (مَا أَرَدْتَ إِلَّا خِلَافِي) بتشديد اللَّام بعد همزة مكسورةٍ، أي: ليس مقصودُكَ إلَّا مخالفةَ(5) قولي، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ في الفرع كأصله(6)، ونسبها الحافظ ابن حجرٍ لحكاية السَّفاقسيِّ: ”ما أردت إلى خلافي“ بلفظ حرف الجر، و«ما» على هذه الرِّوايةِ استفهاميَّةٌ، أي: أيُّ شيءٍ قصدتَ منتهيًا إلى مخالفتِي؟ (قَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”فقال“ أي: عمر: (مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِي ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ) تعالى: ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} الاية[الحجرات:2] قَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”فقال“ (ابْنُ الزُّبَيْرِ) عبد الله: (فَمَا كَانَ عُمَرُ) ☺ (يُسْمِعُ رَسُولَ اللهِ صلعم بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ) وفي رواية وكيعٍ في «الاعتصام» [خ¦7302]: فكان عمرُ بعد ذلك إذا حدَّث النَّبيَّ صلعم بحديثٍ يحدِّثُه كأخِي السِّرارِ، لم يُسمعهُ حتَّى يستفهمهُ (وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ) عبد الله بن الزُّبيرِ (عَنْ أَبِيهِ) يريد جدَّه لأمِّه أسماء (يَعْنِي: أَبَا بَكْرٍ) الصِّديق، وإطلاقُ الأب على الجدِّ مشهورٌ.
          وسياق هذا الحديث صورته صورةُ الإرسالِ، لكن في آخرهِ أنَّه حملهُ عن عبد الله بن الزُّبير، ويأتي في الباب اللَّاحق التَّصريح بذلك [خ¦4847].


[1] في (ص): «الخاء».
[2] في (د): «في».
[3] قال الشيخ قطة ☼ : فيه نظر، فإن خبرها: «أن يهلكا» و«أبا بكر» منصوب بفعل مضمر، أي: أعني مثلًا، وعلى رواية الرفع يكون بدلًا من ضمير: «يهلكا».
[4] في (م): «ابن جرير».
[5] في (م): «مخالفتي في».
[6] قوله: «كأصله»: ليست في (م).