إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قوله:{إلا المودة في القربى}

          ░1▒ (باب قَوْلِهِ) تعالى: ({إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى:23]) أي: أن تودُّوني لقرابتِي منكُم، أو تودُّوا أهل قرابتِي، وقيل: الاستثناءُ منقطعٌ؛ إذ ليست المودَّة من جنسِ الأجرِ / ، والمعنى: لا أسألكُم أجرًا قط، ولكن أسألكُم المودَّة. و{فِي الْقُرْبَى}حالٌ منها، أي: إلَّا المودَّة ثابتةٌ في ذوي القربى متمكِّنةٌ في أهلهَا‼، أو في حقِّ القرابةِ ومن أجلها. قاله في «الأنوار»، فإن قلتَ: لا نزاعَ أنَّه لا يجوزُ طلبُ الأجرِ على تبليغِ الوحي. أُجيب بأنَّه من باب قوله:
وَلَا عَيْبَ فِيْهِم غَيْرَ أنَّ سُيُوفَهُم                     بِهنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الكَتَائبِ
          يعني: أنا لا أطلبُ منكم إلَّا هذا، وهذا في الحقيقةِ ليس أجرًا؛ لأنَّ حصول المودَّة بين المسلمين أمرٌ واجبٌ، وإذا كان كذلك فهو في حقِّ أشرفِ الخلقِ أولى، فقوله: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} تقديره: والمودَّة في القربَى(1) ليست أجرًا، فرجعَ الحاصلُ إلى أنَّه لا أجر ألبتَّة.


[1] قوله: «تقديره والمودة في القربى»: ليست في (د).