إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يرحم الله لوطًا لقد كان يأوي إلى ركن شديد

          4694- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذَرٍّ: ”حدَّثني“ بالإفراد (سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ) بفتح الفوقيَّة وكسر اللَّام وبعد التَّحتيَّة السَّاكنة دالٌ مهملةٌ؛ هو «سعِيدٌ» بكسر العين، ابن عيسى بن تليد المصريُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ القَاسِمِ) المصريُّ العتقيُّ(1) صاحب الإمام مالكٍ (عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ) بفتح الموحَّدة وسكون الكاف، و«مضرَ» بضمِّ الميم وفتح المعجمة، ابنُ محمَّدٍ المصريُّ (عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ) بفتح العين، ابن يعقوب بن عبد الله، مولى قيس بن سعد(2) بن عبادة الأنصاريِّ(3)، الفقيه المقرئ، أحد الأئمَّة الأعلام (عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ) الأيليِّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ) المخزوميِّ أحد الأعلام (وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) ابن عوفٍ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ) أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : يَرْحَمُ اللهُ لُوطًا) هو ابن أخي إبراهيم الخليل(4)، وكان ممَّن آمن وهاجر معه إلى مصر (لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) يشير إلى قوله تعالى: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}[هود:80] (وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ)(5)؛ ولأبي ذَرٍّ: ”ولو لبثتُ في السِّجن(6) لُبْثَ يوسف“ بضمِّ اللام وسكون الموحَّدة، وكان قد لبث سبع سنين وسبعة أشهرٍ وسبعة أيَّامٍ وسبع ساعاتٍ؛ كما قيل (لأَجَبْتُ الدَّاعِيَ(7))‼؛ لأسرعتُ إلى الإجابة إلى الخروج من السِّجن، قال محيي السُّنَّة: إنَّه صلعم وصفَ يوسف ╕ بالأناة والصَّبر؛ حيث لم يبادر إلى الخروج حين جاءه رسول المَلِك، فعل كفعل(8) المذنب حين يُعفى عنه مع طول لبثه في السِّجن، بل قال: { ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}[يوسف:50] أراد أن يقيم الحجَّة في حبسهم(9) إيَّاه ظلمًا، فقال صلعم على سبيل التَّواضع، لا أنَّه صلوات الله وسلامه عليه كان في الأمر منه مبادرةً وعجلةً لو كان مكان يوسف صلعم ، والتَّواضع لا يصغِّر كبيرًا، ولا يضع رفيعًا، ولا يبطل لذي حقٍّ حقًّا(10)، لكنَّه يوجب لصاحبه فضلًا، ويُكسِبه جلالًا وقدْرًا (وَنَحْنُ أَحَقُّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ) في «سورة البقرة» [خ¦3372] وغيرها، ونحن أحقُّ بالشَّكِّ من إبراهيم؛ يعني: لو كان الشَّكُّ متطرِّقًا إلى الأنبياء؛ لكنت أنا أحقَّ به، وقد علمتم أنِّي لم أشكَّ، فإبراهيم صلعم لم يشكَّ (إِذْ قَالَ لَهُ) ربُّه جلَّ وعلا: ({أَوَلَمْ تُؤْمِن}) بعد قوله: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى / ({قَالَ بَلَى}) آمنت ({وَلَـكِن}) سألتك(11) أن تُريَني كيف الإحياء ({ لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}[البقرة:260]) فلم يكن شكَّ في القدرة على الإحياء، بل أراد التَّرقِّي من علم اليقين إلى عين اليقين مع مشاهدة الكيفيَّة.


[1] في (د): «البصريُّ الثَّقفيُّ»، وهو تحريفٌ.
[2] في (د): «سعيد»، وهو تحريفٌ.
[3] زيد في (د): «المصريِّ».
[4] «الخليل»: ليس في (د) و(م).
[5] «يوسف»: ليس في (د).
[6] «ولو لبثتُ في السِّجن»: سقط من (م).
[7] «لأجبتُ الدَّاعي»: سقط من (د).
[8] «كفعل»: ليس في (ب) و(س).
[9] في (د): «في حبسه».
[10] زيد في (د): «له».
[11] في (د): «سألتُ».