إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا

          4621- وبه قال: (حَدَّثَنَا) بالجمع، ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثني“ (مُنْذِرُ بْنُ الوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجَارُودِيُّ) بالجيم، العبديُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبِي) الوليد قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ) أبيه (أَنَسٍ) هو ابن مالك ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صلعم خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ) وكان فيما رواه النَّضْر بن شُميلٍ عن شعبة عند مسلمٍ قد بلغه عن أصحابه شيءٌ، فَخَطَب بسبب ذلك (قَالَ: لَوْ تَعْلَمُونَ)‼ من عظمة الله وشدَّة عقابه بأهل الجرائم وأهوال القيامة (مَا أَعْلَمُ؛ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ولَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، قَالَ) أنسٌ: (فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلعم وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ) بالخاء المعجمة، للكُشْمِيهنيِّ، أي: صوتٌ مرتفعٌ من الأنف بالبكاء مع غنَّةٍ، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي(1) والمُستملي: ”حنينٌ“ بالحاء المهملة، أي: صوتٌ مرتفعٌ بالبكاء من الصَّدر؛ وهو دون الانتحاب (فَقَالَ رَجُلٌ) هو عبد الله بن حذافة، أو(2) قيس بن حذافة، أو خارجة بن حذافة، وكان يُطْعَن فيه: (مَنْ أَبِي؟ قَالَ) صلعم : أبوك (فُلَانٌ) أي: حذافة (فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[المائدة:101]).
          وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «الرِّقاق»(3) [خ¦6485] و«الاعتصام» [خ¦7291]، ومسلمٌ في «فضائل النَّبيِّ صلعم »، والتِّرمذيُّ في «التَّفسير»، والنَّسائيُّ في «الرَّقائق»(4).
          (رَوَاهُ) أي: حديث الباب (النَّضْرُ) بن شُمَيلٍ فيما وصله مسلمٌ (وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ) مما(5) وصله البخاريُّ في «الاعتصام» [خ¦7295] كلاهما (عَنْ شُعْبَةَ) بن الحجَّاج بإسناده، وعند ابن جريرٍ عن قتادة، عن أنسٍ: «أنَّ النَّبيَّ صلعم سألوه حتَّى أَحْفَوه بالمسألة، فصَعَد المنبر فقال: لا تسألوني اليوم عن شيءٍ إلا بيَّنته لكم، فأشفق الصَّحابة أن يكون بين يدي أمرٍ قد حضر، قال: فجعلتُ لا ألتفتُ يمينًا ولا شمالًا إلَّا وجدت كُلًّا لافًّا رأسه في ثوبه يبكي، فأنشأ رجلٌ كان يُلاحَى فيُدعَى لغير أبيه، فقال: يا نبيَّ الله؛ من أبي؟ قال: أبوك حذافة، ثمَّ قام عمر فقال: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمَّدٍ رسولًا، عائذًا بالله من شرِّ الفتن...» الحديث.


[1] في (د): «وللحَمُّويي»، وليس فيها: «ولأبي ذرٍّ عن».
[2] في (ب): «و».
[3] في (ب): «الرقاب».
[4] في (د): «الرِّقاق».
[5] في (د): «فيما».