إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يطوف الرجل بالبيت ما كان حلالًا حتى يهل بالحج

          4521- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ) المُقَدَّميُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ) بضمِّ الفاء وفتح الضَّاد في الأوَّل، وضمِّ السِّين وفتح اللَّام من الثَّاني، النُّميريُّ _بالنُّون مصغَّرًا_ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ) الإمام في المغازي قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (كُرَيْبٌ) هو ابن أبي مسلمٍ الهاشميُّ مولاهم المدنيُّ، مولى ابن عبَّاسٍ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ╠ أنَّه (قَالَ: تَطَوُّفُ الرَّجُلِ بِالبَيْتِ) بفتح المثنَّاة الفوقيَّة والطَّاء المخفَّفة وضمِّ الواو المشدَّدة مضافًا لتاليه، وفي نسخةٍ: ”يَطُوف“ بالمثناة التَّحتيَّة(1) وضمِّ الطَّاء مخفَّفةٍ ”الرَّجلُ“ بالرَّفع على الفاعلية (مَا كَانَ حَلَالًا) أي: مقيمًا بمكة أو دخل بعمرة وتحلل منها (حَتَّى يُهِلَّ بِالحَجِّ، فَإِذَا رَكِبَ إِلَى عَرَفَةَ؛ فَمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ هَدِيَّةٌ) بكسر الدَّال وتشديد التَّحتيَّة، والذي في «اليونينيَّة»: ”هَدِيَةٌ“ بكسر الدَّال من غير تشديدٍ على التَّحتيَّة، وفي نسخةٍ: ”هَدْيُه“؛ بسكون الدَّال وتخفيف التَّحتيَّة آخره هاءٌ (مِنَ الإِبِلِ‼ أَوِ البَقَرِ أَوِ الغَنَمِ) وجزاء الشَّرط قوله: (مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ) أي: ففديته ما تيسَّر، أو فعليه(2) ما تيسَّر، أو بدلٌ من الهدي، والجزاء بأسره محذوفٌ، أي: ففديته ذلك، أو: فليفتد بذلك، قاله الكِرمانيُّ (أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ، غَيْرَ إِنْ لَمْ) وللأصيليِّ: ”غير أنَّه إن لم“ (يَتَيَسَّرْ لَهُ) أي: الهدي (فَعَلَيْهِ) وجوبًا (ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ) يصومهنَّ(3) (فِي الحَجِّ، وَذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ) لأنَّه يسنُّ للحاجِّ فطره، وهذا تقييدٌ من ابن عبَّاسٍ لإطلاق الآية (فَإِنْ كَانَ آخِرُ يَوْمٍ) برفع «آخرُ» ولأبي ذرٍّ بالنَّصب(4) (مِنَ الأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ؛ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ) ولا يجوز صوم شيءٍ منها يوم النَّحر ولا في أيَّام التَّشريق، كما سبق في «الحجِّ» [خ¦1572] ولا يجوز تقديمها على الإحرام بالحجِّ؛ لأنَّها عبادةٌ بدنيَّةٌ، فلا تُقدَّم على وقتها (ثُمَّ لِيَنْطَلِقْ) بالجزم بلام الأمر، ولأبي ذرٍّ عن المُستملي: ”ينطلقُ“ بحذف اللام (حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَاتٍ مِنْ صَلَاةِ العَصْرِ) عند صيرورة ظلِّ(5) كلِّ شيءٍ مثله، أو بعد صلاتها مع الظُّهر جمع تقديمٍ للسَّفر (إِلَى أَنْ يَكُونَ الظَّلَامُ) بغروب الشَّمس (ثُمَّ لِيَدْفَعُوا مِنْ عَرَفَاتٍ إِذَا أَفَاضُوا مِنْهَا حَتَّى يَبْلُغُوا جَمْعًا) بفتح الجيم وسكون الميم؛ وهو المزدلفة (الَّذِي يَبِيْتُونَ بِهِ) صفةٌ لـ «جمعًا» وهو من البَيَات، وللأصيليِّ وأبي ذرِّ عن الحَمُّويي: ”يُتَبَرَّر“ بفوقيَّةٍ بعد التَّحتيَّة المضمومة فموحَّدةٍ فراءين مهملتين أوَّلهما مفتوحٌ مشدَّدٌ، أي: يُطلَب فيه البرُّ، وهو الصَّواب، وعليه(6) اقتصر في «الفتح»، وفي نسخةٍ: ”يُتَبرَّز“ «بزايٍ» معجمةٍ آخره بدل: «الرَّاء»، من التَّبرُّز وهو الخروج للبَراز _وهو الفضاء الواسع_ لأجل قضاء الحاجة (ثُمَّ لِيَذْكُرِ اللهَ كَثِيرًا) بكسر الرَّاء مع الإفراد، وفي نسخةٍ: ”ثمَّ(7) ليذكُروا الله“ بضمِّها مع الجمع (وأَكْثِرُوا التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ) بالواو المفتوحة من غير همزةٍ قبلها في الفرع وأصله وغيرهما(8) من النُّسخ المعتمدة التي وقفت عليها، وقال الحافظ ابن حجرٍ _وتبعه العينيُّ_: ”أو أكثروا“ بالشَّكِّ من الرَّاوي، أي: هل قال: ثمَّ ليذكر(9) الله أو: أكثروا التَّكبير والتَّهليل (قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا، ثُمَّ أَفِيضُوا، فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يُفِيضُونَ، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ}) من تغيير المناسك ونحوه ({إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[البقرة:199]) يغفر ذنب المستغفر، وكثيرًا ما يأمر الله بذكره بعد قضاء العبادات (حَتَّى تَرْمُوا الجَمْرَةَ) التي عند العقبة، وهو غايةٌ لقوله: {ثُمَّ أَفِيضُواْ} أو لقوله: «أكثروا التَّكبير».


[1] «التَّحتيَّة»: سقط من (د).
[2] في (د): «عليه».
[3] في (د): «يُصَمْن».
[4] قوله: «برفع آخر، ولأبي ذرٍّ بالنَّصب»، سقط من (د).
[5] «ظلِّ»: سقط من (د).
[6] في (د): «وعليها».
[7] «ثمَّ»: ليس في (د).
[8] في (د): «وغيره»، وسقط منها: «وأصله».
[9] في (د): «ليذكروا».