إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: قيل لبني إسرائيل: {ادخلوا الباب سجدًا وقولوا حطة}

          4479- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مُحَمَّدٌ) غير منسوبٍ، ونسبه ابن السَّكن عن الفَـِرَبْريِّ _كما في «الفتح»_ فقال: ”محمَّد بن سَلَام“ قال الحافظ ابن حجرٍ: ويحتمل عندي أن يكون محمَّدَ بن يحيى الذُّهليَّ؛ فإنَّه يروي عن عبد الرَّحمن بن مهديٍّ أيضًا، وقال الجيَّانيُّ: الأشبه أنَّه محمَّد ابن بشَّار؛ بتشديد المعجمة، وزاد الكِرمانيُّ: أو ابن المثنَّى، قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ) أبو سعيدٍ البصريُّ، قال ابن المدينيِّ: ما رأيت أعلم منه (عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ) عبد الله (عَنْ مَعْمَرٍ) بفتح الميمين، هو ابن راشدٍ الأزديُّ (عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ) بتشديد الميم الأولى، و«منبِّه» بتشديد الموحَّدة المكسورة، ابن كاملٍ الصَّنعانيِّ، أخي وهبٍ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ) لمَّا خرجوا من التِّيه بعد أربعين سنة مع يوشع بن نونٍ ╕ ، وفتح الله تعالى عليهم بيت المقدس عشيَّة جمعةٍ، وقد حُبِسَت لهم الشَّمس قليلًا حتى أمكن الفتح: ({ادْخُلُواْ الْبَابَ}) باب البلد ({سُجَّداً}) شكرًا لله تعالى على ما أنعم به عليهم من الفتح والنَّصر، وردِّ بلدهم إليهم، وإنقاذهم من التِّيه، وعن ابن عبَّاسٍ فيما رواه ابن جريرٍ: {سُجَّداً} قال: ركَّعًا، وعن بعضهم: المراد به الخضوع؛ لتعذُّر حمله على حقيقته ({وَقُولُواْ حِطَّةٌ}[البقرة:58]) قيل: أُمروا أن يقولوها على هذه الكيفيَّة بالرَّفع على الحكاية، وهي في محلِّ نصبٍ بالقول، وإنَّما مَنَع النَّصبَ حركةُ الحكاية، وتقدَّم قريبًا أنَّها أُعرِبَت خبر مبتدأ محذوفٍ، ومعناها: اسمٌ للهيئة من الحطِّ؛ كالجِلْسَة، وعن ابن عبَّاسٍ _فيما رواه ابن أبي حاتمٍ_ قال: «قيل لهم: قولوا: مغفرةً» (فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ) بفتح الحاء المهملة (عَلَى أَسْتَاهِهِمْ) بفتح الهمزة وسكون المهملة، أي: أوراكهم (فَبَدَّلُوا) أي: غيَّروا السُّجود‼ بالزَّحف (وَقَالُوا: حِطَّةٌ) كما قيل، وزادوا على ذلك مستهزئين: (حَبَّةٌ فِي شَعَرَةٍ) بفتح العين والرَّاء، وفي روايةٍ: ”حنطةٌ“ بالنُّون بدل: «حطَّةٌ»، وللكُشْميهَنيِّ في «الأعراف» [خ¦4641]: ”في شَعِيرةٍ“ بزيادة تحتيَّةٍ بعد كسر العين المهملة، وحاصل الأمر: أنَّهم أُمِروا أن يخضعوا لله تعالى عند الفتح بالفعل والقول، وأن يعترفوا بذنوبهم، فخالفوا غاية المخالفة، ولذا قال الله تعالى في حقِّهم: {فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ}[البقرة:59] والمراد بالرِّجز: الطَّاعون، قيل: إنَّه مات به في ساعةٍ أربعةٌ وعشرون ألفًا.