إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أي الذنب أعظم عند الله؟

          4477- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد / ، ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثنا“ (عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) الحافظ الكوفيُّ قال: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ) هو ابن عبد الحميد الرَّازيُّ (عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ) بالهمز؛ شقيق ابن سلمة (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ) بالصَّرف وعدمه، الهَمْدانيِّ (عَنْ عَبْدِ اللهِ) ابن مسعودٍ أنَّه (قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلعم : أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدًّا) أي: مثلًا ونظيرًا (وَهْوَ خَلَقَكَ) وغيره لا يستطيع خَلْقَ شيءٍ، فوجود الخَلْق يدلُّ على الخالق، واستقامة الخَلْق تدلُّ على توحيده، ولو كان المدبِّر اثنين؛ لم يكن على الاستقامة؛ ولذا قال موحِّد الجاهليَّة زيد بن عمرو بن نُفَيلٍ:
أربًّا واحدًا أم ألفَ ربٍّ                     أدينُ إذا تقسَّمتِ الأمورُ
تركتُ اللاتَ والعزَّى جميعًا                     كذلك يفعلُ الرَّجلُ البصيرُ
          (قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟) بالتَّشديد من غير تنوينٍ، قال الفاكهانيُّ: لأنَّه موقوفٌ عليه في كلام السَّائل، ينتظر الجواب منه ╕ ، والتنوين لا يوقف عليه إجماعًا، وتنوينه مع وصله بما بعده خطأٌ، بل ينبغي أن يوقف عليه وقفةً لطيفةً، ثمَّ يؤتى بما بعده. انتهى. قال في «المصابيح»‼: هذا عجيبٌ؛ فإنَّ(1) الحاكي لا يجب عليه في حالة وصل الكلام بما قبله أو بما بعده أن يراعي حال المحكيِّ عنه في الابتداء والوقف، بل يفعل هو ما تقتضيه حالته التي هو فيها، وقد قيَّده ابنُ الجوزيِّ في «مشكل الصَّحيحين» بالتَّشديد والتَّنوين _كما في الفرع_ وقال: هكذا سمعته من ابن الخشَّاب، وقال: لا يجوز إلا تنوينه؛ لأنَّه اسمٌ معربٌ غير مضافٍ(2) (قَالَ: وَأَنْ تَقْتُلَ) في الفرع بإسقاط الواو، وثبتت في أصله (وَلَدَكَ) حال كونك (تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ، قُلْتُ(3): ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ) بفتح الحاء المهملة وكسر اللام الأولى، أي: زوجته(4)؛ فإنَّه زِنًى وإبطالٌ لِمَا أوصى الله تعالى به من حفظ حقوق الجيران.
          وهذا الحديث أورده(5) هنا أيضًا، وفي «التَّوحيد» [خ¦7520] و«الأدب» [خ¦6001] و«المحاربين» [خ¦6811]، ومسلمٌ في «الإيمان»، والنَّسائيُّ فيه و«الرَّجم» و«المحاربة».


[1] في (ب) و(س): «لأنَّ».
[2] قوله: «وقد قيَّده ابن الجوزيِّ في مشكل الصَّحيحين... لأنَّه اسمٌ معربٌ غير مضافٍ» جاء في (ب) و(د) و(م) بعد قوله: «ثمَّ يؤتى بما بعده».
[3] في (م): «قال».
[4] في (د): «جارته».
[5] في (ص): «أخرجه».