إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كنا نحيض مع النبي فلا يأمرنا به

          321- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) التَّبوذكيُّ (قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ) بالتَّشديد، ابن يحيى ابن دينارٍ العوذيُّ، المُتوفَّى سنة ثلاثٍ وستِّين(1) ومئةٍ (قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ) الأكمه المفسِّر (قَالَ: حَدَّثَتْنِي) بالتَّأنيث والإفراد (مُعَاذَةُ) بضمِّ الميم وفتح العين المُهمَّلة والذَّال المُعجَمة، بنت عبد الله العدويَّة (أَنَّ امْرَأَةً) أبهمها هَمَّامٌ، وهي معاذة نفسها (قَالَتْ لِعَائِشَةَ) ♦ : (أَتَجْزِي) بفتح الهمزة والمُثنَّاة الفوقيَّة وكسر الزَّاي آخره مُثنَّاة تحتيَّة من غير همزٍ، أي:أتقضي (إِحْدَانَا صَلَاتَهَا) التي لم تصلِّها زمن الحيض، و«صلاتَها» نُصِبَ على المفعوليَّة (إِذَا طَهُرَتْ؟) بفتح الطَّاء وضمِّ الهاء (فَقَالَتْ)(2) عائشة: (أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟!) بفتح الحاء المُهمَلة وضمِّ الرَّاء الأولى المخفَّفة، وهي(3) نسبةٌ إلى حروراء، قريةٌ بقرب الكوفة، كان أوَّل اجتماع الخوارج بها، أي:أخارجيَّةٌ أنت؟ لأنَّ طائفةً من الخوارج يوجبون على الحائض قضاء الصَّلاة الفائتة زمن الحيض، وهو خلاف الإجماع، فالهمزة للاستفهام الإنكاريِّ، وزاد في رواية مسلمٍ: عن عاصمٍ(4) عن معاذة فقلت: «لا، ولكنِّي(5) أسأل» سؤالًا لمُجرَّد طلب(6) العلم، لا للتَّعنُّت، فقالت عائشة: (كُنَّا) وللأَصيليِّ: ”قد كنَّا“ (نَحِيضُ مَعَ النَّبِيِّ صلعم ) أي: مع وجوده أو(7) عهده، أي:فكان يطَّلع على حالنا في التَّرك(8)(فَلَا) وللأَصيليِّ: ”ولا“ (يَأْمُرُنَا بِهِ) أي: بالقضاء؛ لأنَّ التَّقرير على ترك الواجب غير جائزٍ (أَوْ قَالَتْ) أي: معاذة: (فَلَا نَفْعَلُهُ) وفرق بين الصَّلاة والصَّوم لتكرُّرها، فلم يجب قضاؤها للحرج بخلافه، وخطابها بقضائه بأمرٍ جديدٍ، لا بكونها خُوطِبت به أوَّلًا، نعم استثنى من نفيِ قضاء الصَّلاة ركعتا الطَّواف.
          ورواة هذا الحديث كلُّهم بصريُّون، وفيه: التَّحديث بالإفراد والجمع، وأخرجه السِّتَّة.


[1] «وستِّين»: سقط من (س).
[2] في (د): «قالت».
[3] «وهي»: مثبتٌ من (م).
[4] زيد في (د): «عن سلمة»، وليس بصحيحٍ.
[5] في (م): «لكنَّني». ولفظ مسلم: «لست بحرورية ولكني أسأل».
[6] في (م): «مجرَّدًا لطلب».
[7] في (د): «أي».
[8] «في التَّرك»: سقط من (د).