إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اللهم العن فلانًا وفلانًا وفلانًا

          4069- 4070- وبه قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ) بن زياد (السُّلَمِيُّ) بضم السين المهملة، البلخيُّ، سكن مرو، قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بنُ المباركِ المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) هو ابن راشد (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمد بنِ مسلم، أنَّه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ) عبدِ الله بنِ عمر ابنِ الخطَّاب (أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلعم (1) إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ مِنَ الرَّكْعَةِ) ولأبي ذرٍّ ”في الرَّكعة“ (الآخِرَةِ مِنَ الفَجْرِ) بعد أن شُجَّ وكُسِرتْ رَباعيته يوم أحدٍ (يَقُولُ: اللَّهُمَّ العَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا) صفوانَ بنَ أميَّة وسُهيلَ بنَ عَمرو والحارثَ بنَ هشامٍ، يقول ذلك (بَعْدَمَا يَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ) ولأبي ذرٍّ وابنِ عساكرٍ ”لك“ بإسقاط الواو (فَأَنْزَلَ اللهُ) ╡: ({لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}[آل عمران:128](2)) سقط لأبي ذرٍّ «{فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}» وزادَ أحمدُ والتِّرمذيُّ: «فتيب عليهم كلّهم».
          وحديث الباب أخرجه المؤلِّف أيضًا في «التَّفسير» [خ¦4559] و«الاعتصام» [خ¦7346]، والنَّسائي في «الصَّلاة» و«التَّفسير».
          (وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ) هو معطوفٌ على قوله: «أخبرنا معمر... إلى آخره». والرَّاوي لهُ عن حنظلةَ هو عبد الله بنُ المبارك أنَّه (قال: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم ) لمَّا جُرحَ يومَ أحدٍ (يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ) بن خلفٍ الجُمحيِّ (وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو) القرشيِّ العامريِّ (وَالحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ) أي: ابن المغيرة القرشيِّ المخزوميِّ (فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}[آل عمران:128]) أي: فيسلموا أو يعذِّبهم إن ماتُوا كفَّارًا، والثلاثةُ المسمَّونَ أسلموا يوم الفتح وحسُنَ إسلامُهم، ولعلَّه هو السرُّ في نزول قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ}.
          وقد ذكر المؤلِّف في هذا الباب سببَين لنزولِ الآية، والثاني مُرسلٌ، ويحتملُ أنَّ الآيةَ نزلتْ في الأمرينِ جميعًا، فإنَّهما كانَا في قصَّةٍ واحدةٍ.
          وقد اختُلفَ في سببِ نزولها على قولين: أحدُهما: نزلتْ في قصَّةِ أحدٍ، واختلفَ القائلونَ بذلك؛ فقيلَ: السَّببُ ما وقع من شجِّهِ ╕ يومَ أُحدٍ كما مرَّ، وقيل: إنَّه ╕ ‼ لمَّا رأى ما فعلوا بحمزةَ من المثلةِ قال: «لأمثِّلَنَّ بسبعينَ منهم» فنزلت. وقيل: أرادَ أن يدعوَ عليهم بالاستئصال فنزلت؛ لعلمهِ أن أكثرهم يسلمون. قال القفَّال: وكلُّ هذه الأشياء حصلتْ يوم أُحد، فنزلت الآيةُ عند الكلِّ، فلا يمتنعُ حملها على الكلِّ، وقيل: إنهُ ╕ أرادَ أن يلعنَ المسلمين الذين خالفوا أمرهُ والَّذين انهزَمُوا فمنعهُ اللهُ من ذلك بنزولها، وقيل إنه ╕ ...(3).
          القول الثاني: أنَّها نزلتْ في قصَّةِ القُرَّاءِ الذين بعثهم ╕ إلى بئرِ معونةَ في صفرَ سنةَ أربعٍ من الهجرةِ، على رأسِ أربعةِ أشهرٍ من أُحد؛ ليعلِّمُوا النَّاسَ القرآنَ، فقتلهُمْ عامرُ بن الطُّفَيل، وقنتَ ╕ شهرًا يدعو على جماعةٍ من تلكَ القبائلِ باللَّعنِ، لكنْ قال في «اللُّباب»: أكثرُ العلماءِ متَّفقونَ / على أنَّها في قصَّةِ أحدٍ.


[1] في (د) زيادة: «يقول» وسقطت في المكان التالي.
[2] في (ب) و(س): «{لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ} إلى قوله: {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}».
[3] اتفقت الأصول على أنه هنا بياض في الأصل.