إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد حتى سقط سيفي

          4068- وبهِ قالَ: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ) بن خَيَّاط أبو عَمرو العُصفُريُّ، البَصريُّ في المُذاكَرَةِ: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ) بضم الزاي وفتح الراء مصغَّرًا قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ) بكسر العين، ابنُ أبي عَروبةَ (عَنْ قَتَادَةَ) بنِ دعامَة (عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ) زيدِ بن سهل الأنصاريِّ ( ☻ ) أنَّه (قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ تَغَشَّاهُ) بفتح الغين والشين المشددة المعجمتين (النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ) أي: وهُم في مصافِّهم (حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدِي مِرَارًا، يَسْقُطُ) من يدِي (وَآخُذُهُ، وَيَسْقُطُ) من يدِي (فَآخُذُهُ) بالفاءِ، ولأبي ذرٍّ ”وآخذُه“. قال ابنُ مسعودٍ _فيما رواهُ ابنُ أبي حاتمٍ_: النُّعاسُ في القتالِ أمنة، والنُّعاس في الصَّلاةِ من الشَّيطانِ، وذلكَ لأنَّه في القتالِ لا يكونُ إلَّا من الوثوقِ باللهِ تعالى والفراغِ عن الدُّنيا، ولا يكونُ في الصَّلاةِ إلَّا مِن غايةِ البُعدِ عنِ اللهِ، ثمَّ ذلك النُّعاس كان فيه فوائد؛ لأنَّ السَّهرَ يوجبُ الضَّعفَ والكلالَ، والنَّومَ يفيدُ عودَ القوَّةِ والنَّشاطِ؛ ولأنَّ المشركين كانوا في غايةِ الحرصِ على قتلِهم / فبقاؤُهم في النَّوم مع السَّلامةِ في تلك المعركةِ من أدلِّ(1) الدَّلائلِ على حفظِ الله تعالى لهم، وذلك ممَّا يزيلُ الخوفَ من قلوبِهم ويورثهُم الأمنَ؛ ولأنَّهم لو شاهدُوا قتلَ إخوانِهِم الَّذين أرادَ اللهُ تعالى إكرامَهُم بالشَّهادةِ لاشتدَّ خوفُهُم.


[1] في (ب): «أجل»، وفي (د): «مع».