إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب

          3757- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ وَاقِدٍ) بالقاف المكسورة والدَّال المُهمَلة، أبو يحيى الأسديُّ مولاهم الحرَّانيُّ، واسمُ أبيه عبدُ الملك ونسبه لجدِّه قال: (حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ) أي: ابن درهمٍ الجهضميُّ أبو إسماعيل البصريُّ (عَنْ أَيُّوبَ) السَّختيانيِّ (عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ) العدويِّ أبي نصرٍ البصريِّ، الثِّقة العالم، لكن توقَّف فيه ابن سيرين لدخوله في عمل السُّلطان (عَنْ أَنَسٍ ☺ : أَنَّ النَّبِيَّ صلعم نَعَى زَيْدًا) أي: ابن حارثة (وَجَعْفَرًا) أي: ابن أبي طالبٍ (وَابْنَ رَوَاحَةَ) بفتح الرَّاء والواو المُخفَّفة، عبدَ الله (لِلنَّاسِ) أي: أخبرهم بموتهم في غزوة مؤتة (قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ) وذلك أنَّه ╕ أرسل سريَّةً إليها، واستعمل عليهم زيدًا وقال: إن أُصِيب فجعفرٌ، فإن أُصِيب فابن رواحة، فخرجوا وهم ثلاثة آلافٍ، فتلاقَوا مع الكفَّار فاقتتلوا، فكان كما قال ╕ (فَقَالَ: أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ) أي: قُتِل (ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ) بإسقاط ضمير المفعول، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: ”ثمَّ أخذها جعفرٌ“ (فَأُصِيبَ) أي: قُتِل (ثُمَّ أَخَذَ ابنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ) بإسقاط الضَّمير، قال ذلك (وَعَيْنَاهُ) ╕ (تَذْرِفَانِ) بذالٍ مُعجَمةٍ / وراءٍ مكسورةٍ وفاءٍ: تسيلان بالدُّموع (حَتَّى أَخَذَ سَيْفٌ) بإسقاط المفعول، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: ”حتَّى أخذها سيفٌ“ (مِنْ سُيُوفِ اللهِ) ╡، وفي «الجنائز» [خ¦1246] «فأخذها‼ خالد بن الوليد من غير إمرةٍ»، أي: من غير تأميرٍ منه صلعم ، لكنَّه رأى المصلحة في ذلك، فأخذ الرَّاية (حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ) على يد خالدٍ، فانحاز بالمسلمين حتَّى رجعوا سالمين، وفي حديث أبي قتادة: ثمَّ قال رسول الله صلعم : «اللَّهمَّ(1) إنَّه سيفٌ من سيوفك، فأنت تنصره» فمن يومئذٍ سُمِّي سيفَ الله، وفي حديث عبد الله بن أبي أوفى ممَّا أخرجه الحاكم وابن حبَّان قال: قال رسول الله صلعم : «لا تؤذوا خالدًا فإنَّه سيفٌ من سيوف الله، صبَّه على الكفَّار».
          وهذا الحديث قد سبق في «الجنائز» [خ¦1246] و«الجهاد» [خ¦2798] و«علامات النُّبوَّة» [خ¦3630] ويأتي إن شاء الله تعالى في «المغازي» [خ¦4262] بعون الله وقوَّته.


[1] «اللَّهمَّ»: ليس في (ص).