إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اللهم علمه الحكمة

          3756- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهَدٍ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) بن سعيدٍ(1) العنبريُّ مولاهم التَّنُّوريُّ (عَنْ خَالِدٍ) الحذَّاء (عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ أنَّه (قَالَ: ضَمَّنِي النَّبِيُّ صلعم إِلَى صَدْرِهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الحِكْمَةَ) وسقط لأبي ذرٍّ: واو «وقال». وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ) بميمين مفتوحتين بينهما عينٌ ساكنةٌ، عبد الله بن عُمَيرٍ المنقريُّ مولاهم المُقعَد التَّميميُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) بن سعيدٍ التَّنُّوريُّ، أي: الحديث بسنده إلى آخره، (وَقَالَ) فيه: (اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ) بدل قوله: «الحكمة». وثبت لفظ: «اللَّهمَّ» لأبي ذرٍّ.
          وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى) بن إسماعيل التَّبوذكيُّ قال: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ) بضمِّ الواو _مُصغَّرًا_ ابن خالد بن عجلان البصريُّ (عَنْ خَالِدٍ) الحذَّاء، بسنده السَّابق (مِثْلَهُ) بالنَّصب بفعلٍ مُقدَّرٍ، أي: مثلَ روايةِ أبي مَعْمَرٍ. (وَالحِكْمَةُ): هي (الإِصَابَةُ فِي غَيرِ النُّبُوَّةِ) وهذا التَّفسير ثابتٌ لأبي ذرٍّ عن المُستملي، وقال ابن وهبٍ: قلت لمالكٍ: ما الحكمة؟ قال: معرفة الدِّين‼ والتَّفقُّه فيه والاتِّباع له، وقال الشَّافعيُّ ☺ : الحكمة سنَّة رسول الله صلعم ، واستدلَّ ⌂ لذلك: بأنَّه تعالى ذكر تلاوة الكتاب وتعليمه ثمَّ عطف عليه الحكمة، فوجب أن يكون المراد من الحكمة شيئًا خارجًا عن الكتاب، وليس ذلك إلَّا السُّنَّة، وقيل: هي الفصل بين الحقِّ والباطل، والحكيم هو الذي يحكم الأشياء ويتقنها، وعند البغويِّ في «مُعجَمه»: أنَّه صلعم دعا لابن عبَّاسٍ ☻ فقال(2): «اللَّهمَّ فقِّهْهُ في الدِّين، وعلِّمه التَّأويل» وعند الضَّحَّاك: «علِّمه تأويل القرآن» وعند ابن عمر ☻ فيما رواه أبو زرعة الدِّمشقيُّ في «تاريخه»: ابن عبَّاسٍ أعلم النَّاس بما أنزل الله على محمَّدٍ صلعم ، وقد بسط ابن عادلٍ الكلامَ على تفسير «الحكمة» فليُراجَع. وعند يعقوب بن سفيان في «تاريخه» بإسنادٍ صحيحٍ عن أبي وائلٍ، قال: قرأ ابن عبَّاسٍ سورة النُّور، ثمَّ جعل يفسِّرها، فقال رجلٌ: لو سمعت هذا الدَّيلم؛ أسلمت، وتقدَّم في «كتاب العلم» [خ¦75] حديث الباب من رواية أبي مَعْمَرٍ.


[1] في (ب): «سعدٍ»، وهو تحريفٌ.
[2] «فقال»: ليس في (ص) و(م).