إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أما بعد أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدثني وصدقني

          3729- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ قالَ: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ، أنَّه (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ)‼ هو ابن عليِّ بن أبي طالبٍ ☺ (أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ) ☺ (قَالَ: إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ) جويرية _بضمِّ الجيم_ وقيل: العوراء (فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ) ♦ (فَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلعم فَقَالَتْ) له: (يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ) إذا أُوذِين (وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ) أي: يريد أن ينكح (بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ) وأُطلِق عليه اسم «ناكحٍ» مجازًا باعتبار قصده له / (فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلعم ) خطيبًا؛ ليشيع الحكم الذي سيقرِّره ويأخذوا به على سبيل الوجوب أو الأولويَّة، قال المسور: (فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ؛ فإِنِّي أَنْكَحْتُ أَبَا العَاصِ) لقيطَ (بْنَ الرَّبِيعِ) أي: ابنته ╕ زينب أكبر بناته، وكان ذلك قبل النُّبوَّة (فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي) بتخفيف الدَّال بعد الصَّاد، أي: في حديثه، ولعلَّه كان شَرَط عليه ألَّا يتزوَّج على زينب، فلم يتزوَّج عليها، وكذلك عليٌّ، فإن يكن كذلك فيحتمل أن يكون نَسِيَ ذلك الشَّرط (وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ) بفتح المُوحَّدة فقط وسكون المعجمة، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”مضغةٌ“؛ بميمٍ مضمومةٍ بدل المُوحَّدة وغينٍ معجمةٍ بدل المهملة (مِنِّي، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا) أحدٌ، عليٌّ أو غيره (وَاللهِ؛ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلعم وَبِنْتُ عَدُوِّ اللهِ) أبي جهلٍ أو غيره (عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَتَرَكَ عَلِيٌّ الخِطْبَةَ) بكسر الخاء المعجمة، قال ابن داود فيما ذكره المحبُّ الطَّبريُّ: حرَّم الله ╡ على عليٍّ أن ينكح على فاطمة حياتها؛ لقوله(1) تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}[الحشر:7] وقال أبو عليٍّ السِّنجيُّ في «شرح التَّلخيص»: يحرم التَّزوُّج على بنات النَّبيِّ صلعم .
          (وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ) بفتح العين وسكون الميم، و«حَلْحَلَة» بفتح الحاءين المهملتين بينهما لامٌ ساكنةٌ وأخرى مفتوحةٌ بعد الحاء الثَّانية، ممَّا وصله في أوائل «الخمس» [خ¦3110] (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنْ عَلِيٍّ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ زيادة: ”ابن الحسين“ (عَنْ مِسْوَرٍ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم ) الحديث بطوله (وَذَكَرَ) فيه (صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ) هو أبو العاص بن الرَّبيع (فَأَثْنَى عَلَيْهِ) خيرًا (فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ، فَأَحْسَنَ) الثَّناء (قَالَ: حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي) بتخفيف الدَّال (وَوَعَدَنِي) أن يرسل إليَّ زينب، أي: لمَّا أُسِرَ ببدرٍ مع المشركين وفُدِي، وشرط عليه صلعم أن يرسلها له (فَوَفَى لِي) بتخفيف الفاء بذلك، وأُسِر أبو العاص مرَّةً أخرى وأجارته زينب، فأسلم وردَّها إليه النَّبيُّ صلعم إلى نكاحه، وولدت له أمامة التي كان(2) يحملها النَّبيُّ صلعم وهو يصلِّي.


[1] في (م): «بقوله»، وهو تحريفٌ.
[2] زيد في (م): «أيضًا».