إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اشترى أبو بكر من عازب رحلًا بثلاثة عشر

          3652- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ) الغُدَانيُّ؛ بضمِّ الغين المعجمة وتخفيف الدال المهملة وبعد الألف نون مخفَّفة، البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ) بنُ يونسَ (عَنْ) جدِّه (أَبِي إِسْحَاقَ) عمرِو بن عبد الله السَّبيعيِّ (عَنِ البَرَاءِ) بنِ عازِبٍ الأنصاريِّ ☺ أنَّه (قَالَ: اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ) الصديقُ ( ☺ مِنْ) أبيه (عَازِبٍ رَحْلًا) بفتح الراء وسكون الحاء المهملة، للناقة (بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ: مُرِ البَرَاءَ) ابنَك (فَلْيَحْمِلْ إِلَيَّ) بتشديد الياء التحتيَّة (رَحْلِي، فَقَالَ) له (عَازِبٌ: لَا، حَتَّى تُحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللهِ صلعم حِينَ خَرَجْتُمَا مِنْ مَكَّةَ) في الهجرة إلى المدينة (وَالمُشْرِكُونَ) من أهل مكَّةَ (يَطْلُبُونَكُمْ) أي: هما ومَن معهما (قَالَ) أبو بكرٍ: (ارْتَحَلْنَا مِنْ مَكَّةَ، فَأَحْيَيْنَا أَوْ سَرَيْنَا) بفتح السين (لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا) والشكُّ مِنَ الراوي (حَتَّى أَظْهَرْنَا) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”ظهرنا“ بغير ألفٍ، والأوَّلُ هو الصوابُ، أي: صِرْنا في وقتِ الظهر(1) (وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ) شدَّةُ حرِّها عند الزوال (فَرَمَيْتُ بِبَصَرِي هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ فَآوِيَ إِلَيْهِ) بمدِّ الهمزة وفتح التحتيَّة في «اليونينية» وفرعها مصحَّحًا عليه (فَإِذَا صَخْرَةٌ) فلمَّا رأيتُها (أَتَيْتُهَا، فَنَظَرْتُ بَقِيَّةَ ظِلٍّ لَهَا فَسَوَّيْتُهُ) أي: موضعًا، وفي «علامات النبوَّة» [خ¦3615] فنزلنا عنده، أي: عند الظل، وسويتُ للنبيِّ صلعم مكانًا بيدي ينام عليه (ثُمَّ فَرَشْتُ لِلنَّبِيِّ صلعم فِيهِ) في الظلِّ (ثُمَّ قُلْتُ لَهُ(2): اضْطَجِعْ يَا نَبِيَّ اللهِ، فَاضْطَجَعَ النَّبِيُّ صلعم ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ أَنْظُرُ مَا حَوْلِي هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أَحَدًا، فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ) لم يُسَمَّ الراعي، ولا مالكُ الغنم (يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا(3) الَّذِي أَرَدْنَا(4)) مِنَ / الظلِّ (فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ(5): لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ؟ قَالَ(6): لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ) له: (هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ(7): نَعَمْ، قُلْتُ(8)) له: (فَهَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لَبَنًا؟) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”لنا“ (قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ) بالتثنية (فَقَالَ هَكَذَا، ضَرَبَ إِحْدَى(9)‼ كَفَّيْهِ بِالأُخْرَى) فيه(10) إطلاق القول على الفعل، واستحبابُ التنظيف لما يُؤكَل ويُشرَب (فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً) بضمِّ الكاف وسكون المثلَّثة بعدَها موحَّدة مفتوحة؛ قليلًا (مِنْ لَبَنٍ، وَ) كنتُ (قَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلعم إِدَاوَةً) بكسر الهمزة؛ مِن جلد فيها ماءٌ (عَلَى فَمِهَا خِرْقَةً) كذا في الفرع: «خِرقةً» بالنصب، وفي «اليونينية» وغيرِها: ”خِرقةٌ“(11) بالرفعِ (فَصَبَبْتُ) منها (عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ) بفتح الراء (فَانْطَلَقْتُ بِهِ) باللبن المَشُوب بالماء (إِلَى النَّبِيِّ صلعم ، فَوَافَقْتُهُ قَدِ(12) اسْتَيْقَظَ) مِن نومه (فَقُلْتُ لَهُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ) أي: طابتْ نفسي لكثرة ما شرب، وفيه: أنَّه أمعنَ في الشُّرب، وقد كانت عادتُه المألوفة عدمَ الإمعان (ثُمَّ قُلْتُ: قَدْ آنَ الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللهِ) أي: دخل وقتُه (قَالَ)(13) ╕ : (بَلَى) قد آنَ، وسقط لفظ «بلى» لأبي ذرٍّ (فَارْتَحَلْنَا وَالقَوْمُ) كفَّارُ قريشٍ (يَطْلُبُونَا) ولأبي ذرٍّ: ”يطلبوننا“ (فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ) بجيم مضمومة فعين مهملة ساكنة فشين معجمة مضمومة فميم (عَلَى فَرَسٍ لَهُ(14)، فَقُلْتُ(15): هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا).
          وهذا الحديث قد مرَّ في «علامات النبوَّة» [خ¦3615].
          ({تُرِيحُونَ}) في قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ} أي: (بالعَشِيِّ) {وَحِينَ} ({تَسْرَحُونَ}[النحل:6]) أي: (بالغَدَاةِ) قال في «الفتح»: والصوابُ أنْ يَثْبُتَ هذا في حديثِ عائشةَ في «الهجرة» [خ¦3905] فإنَّ فيه: «ويرعى عليهما عامر بن فهيرة ويريحها عليهما»، وثبت هذا في رواية أبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ، وسقط لغيره.


[1] في (ب) و(د) و(س): «الظهيرة».
[2] «له»: ليس في (د).
[3] «يريد منها»: ليس في (ص).
[4] في (م): «أردناه».
[5] «له»: ليس في (د) و(م).
[6] في (س): «فقال».
[7] في (م): «فقال».
[8] في (د): «فقلت».
[9] في (م): «أحد».
[10] في غير (س): «فيها».
[11] «خرقة»: مثبت من (د).
[12] في (م): «حتى».
[13] في (ب): «فقال».
[14] «له»: ليس في (م).
[15] في (ص) و(م): «قلت».