إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا رسول الله إن ابن أختي وقع

          3541- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ) بضمِّ العين مصغَّرًا، أبو ثابتٍ القُرشيُّ المدنيُّ الفقيه _مولى عثمانَ بنِ عفَّان_ قال: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ) بالحاء المهملة، ابنُ إسماعيلَ المدنيُّ الحارثيُّ مولاهم / (عَنِ الجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) الكِنديِّ، ويقال: الأسديِّ، ويقال: الليثيِّ(1)، ويقال: الهلاليِّ أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ قَالَ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي) لم تُسَمَّ (إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ) السائبَ (ابْنَ أُخْتِي) عُلْبَةَ _بضمِّ العين المهملة وسكون اللام وفتح الموحَّدة_ بنت شُريح (وَقَعَ) بفتح القاف بلفظ الماضي، أي: وقع في المرض، وبكسر القاف أيضًا في الفرع كأصله، ولأبي ذر: ”وَقِعٌ“ بكسر القاف والتنوين، أي: أصابه وجعٌ في قدميه أو يشتكي لحم رجليه من الحفاء لغِلَظِ الأرض والحجارة، وفي نسخةٍ هنا معزُوَّةٍ في «الوضوء» لأبوي الوقت وذر وكريمة: ”وَجِعٌ“ بكسر الجيم والتنوين، أي: مريض، قال السَّائب: (فَمَسَحَ) ╕ (رَأْسِي) بيدِه الشريفة، قال عطاء مولى السائب: كان مقدَّمُ رأسِ السَّائب أسودَ، وهو الموضعُ الذي مسحَه النبيُّ(2) صلعم من رأسه، وشابَ ما سِوى ذلك، رواه(3) البيهقي والبغوي ولا يحضرني الآن لفظهما(4) (وَدَعَا لِي بِالبَرَكَةِ، وَتَوَضَّأَ، فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ) بفتح الواو، أي: مِنَ الماء(5) المتقاطر من أعضائه المقدَّسة (ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمٍ بَيْنَ كَتِفَيْهِ) وزاد في نسخة هنا: ”مثلَ زِرِّ الحَجَلَة“ وفي أُخرى: ”إلى خاتمِ النبوَّةِ بين كتِفَيه“ وهو الذي كان(6) يُعرف به عند أهل الكتاب، وفي «مسلم» في حديث عبد الله ابن سرجس‼: «أنَّه كان إلى جهة كتفه اليسرى».
          و(قَالَ ابْنُ عُبَيْدِ اللهِ) بضمِّ العين مصغَّرًا محمَّدٌ(7) شيخُ المؤلِّف المذكورُ: (الحُجْلَةُ) بضمِّ الحاء وسكون الجيم (مِنْ حُجَلِ الفَرَسِ) بضمِّ الحاء وفتح الجيم، ولأبي ذرٍّ: ”حَجَل“(8) بفتحهما (الَّذِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ) واستُبعد هذا القولُ بأنَّ التحجيل إنَّما يكون في القوائم، وأمَّا الذي في الوجه فهو الغُرَّة، وأجيب بأنَّ منهم مَن يُطلقه على ذلك مجازًا، لكن تُعقِّب بأنَّه على تقدير تسليمه إن أريد البياض فليس له معنى، لأنَّه لا يبقى فائدةٌ لذِكْر الزِّرِّ، واستَشكَلَ تفسير «الحجلة» من غير أن يقع لها ذكر سابق في كلامِه، وأجاب في «الفتح»: باحتمال أنَّه سقط منه شيءٌ، وكأنَّه كان فيه «مثل زرِّ الحجلة»، ثمَّ فسَّرها، وأجاب في «العمدة»: بأنَّه لمَّا روى الحديث عن شيخه ابنِ عُبيد الله وقع السؤال في المجلس عن كيفية الخاتم، فقال ابنُ عُبيد الله أو غيرُه: مثلَ زرِّ الحَجَلَة، فسُئل عن معنى «الحَجَلَة». فأجاب بما سبق. انتهى.
          ووقع عند المؤلِّف في «الوضوء» [خ¦190]: «ثم قُمت خلفَ ظهرِه، فنظرتُ إلى خاتم النبوَّة مثلَ زرِّ الحجلة» وكذا في «باب الدعاء للصبيان بالبركة» من «كتاب الدعاء» [خ¦6352] بلفظ: «فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه مثلَ زِرِّ الحَجَلَة» (قَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”وقال“ (إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ) بالحاء المهملة والزاي، الزبيريُّ الأنصاريُّ(9) شيخُ المؤلِّف فيما(10) وصله في «الطب» [خ¦5670]: (مِثْلَ زِرِّ الحَجَلَةِ) بفتح الحاء والجيم، بيت للعروس كالبشخانة(11)، يزين بالثياب والستور، له(12) أزرارٌ وعرًى، فالزِّرُّ على هذا حقيقةٌ، وجزم الترمذي: بأنَّ المراد بـ «الحَجَلَة»: الطيرُ المعروفُ، وبـ «زرِّها» بيضُها، وعند مسلمٍ في صفتِه من حديث جابر(13) بن سَمُرة: «كأنَّه بيضة حمامة» وفي حديث ابن عمر عند ابن حِبَّان: «مثل البُندقة من اللحم» وعند الترمذيِّ: «كبَضْعةٍ ناشزة من اللحم» وعند قاسم بن ثابت: «مثل السلعة» وأما ما ورد من أنَّها كانت(14) كأثر محجم، أو كالشامة السوداء أو كالخضراء، أو مكتوبٌ في باطنها: أنا(15) الله وحده لا شريك له، وفي ظاهرها: «توجه حيث كنت(16) فإنَّك منصور» ونحو ذلك ممَّا حكيتُه في «المواهب اللدنية» فقال الحافظ ابنُ حجر: لم يثبت منه شيء، وقد أخرج الحاكم في «المستدرك» عن وهب بن مُنَبِّه قال: لم يَبعث اللهُ نبيًّا إلَّا وقد كان عليه شامات النبوَّة في يده اليمنى، إلَّا نبيُّنا صلعم ، فإنَّ شامة النبوَّة كانت بين كتفيه، وعلى هذا فيكون وضع الخاتم بين كتفيه بإزاء قلبه المكرَّم ممَّا اختُصَّ به عن سائر الأنبياء.


[1] قوله: «ويقال: الليثي»: ليس في (د).
[2] ليست في (ص)، وفي (م): «رسول الله».
[3] في غير (ب): «ورواه».
[4] لفظ البيهقي في دلائل النبوة [6/209] بسنده إلى عطاء مولى السائب قال: كان رأس السائب أسود من هذا المكان، ووصف بيده أنه كان أسود الهامة إلى مقدَّم رأسه، وكان سائره مؤخره ولحيته وعارضاه أبيض، فقلت: يا مولاي ما رأيت أحدًا أعجب شعرًا منك. قال: وما تدري يا بني لم ذلك؟ إنَّ رسول الله صلعم مرَّ بي وأنا مع الصبيان، فقال: مَن أنت؟ قلتُ: السائب بن يزيد أخو النمر، فمسح يده على رأسي، وقال: «بارك الله فيك» فهو لا يشيب أبدًا.
[5] «الماء»: مثبت من (د) و(س) و(ص).
[6] «كان»: مثبت من (د) و(م).
[7] «محمد»: ليس في (د).
[8] «حجل»: مثبت من (د) و(م).
[9] في (د) وهامش (ج): «الأسديُّ» وليس بصحيحٍ.
[10] في (د): «مما».
[11] في (د): «كالبشخانات».
[12] في (د) و(ص) و(م): «لها».
[13] في (د): «سالم» وليس بصحيحٍ.
[14] في (د): «كأنها».
[15] «أنا»: ليس في (د).
[16] في (د): «شئت».