إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اعدد ستًا بين يدي الساعة موتي ثم فتح بيت المقدس

          3176- وبه قال: (حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ) عبد الله بن الزُّبير قال: (حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ) أبو العبَّاس القرشيُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ العَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ(1)) بفتح الزَّاي وسكون المُوحَّدة وبالرَّاء، الرَّبَعِي، بفتح الرَّاء والموحَّدة وكسر العين المهملة (قَالَ: سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ) بضمِّ الموحَّدة وسكون المهملة، و«عُبيد الله» بضمِّ العين مُصغَّرًا الحضرميَّ: (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ) عائذ الله الخولانيَّ (قَالَ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ) الأشجعيَّ (قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلعم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَهْو فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ) جلدٍ مدبوغٍ، وسقط لفظة «من» لأبي ذرٍّ وابن عساكر (فَقَالَ: اعْدُدْ سِتًّا) من العلامات (بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ) لقيامها، أو لظهور أشراطها المقتربة(2)، منها: (مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ) بضمِّ الميم وسكون الواو آخره نونٌ مُنوَّنةٌ، الموت أو الكثير الوقوع، والمراد به: الطَّاعون، ولابن السَّكن: ”موتتان“ بلفظ التَّثنية، قال في «الفتح»: وحينئذٍ فهو بفتح الميم. قيل: ولا وجه له هنا (يَأْخُذُ) أي: المُوتان (فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ) بضمِّ القاف بعدها عينٌ مُهمَلةٌ فألفٌ فصادٌ مُهمَلةٌ، داءٌ يأخذ الدَّوابَّ فيسيل من أنوفها شيءٌ فتموت فجأةً. ويُقال: إنَّ هذه الآية ظهرت في طاعون عَمَواس في خلافة عمر، ومات منه سبعون ألفًا في ثلاثة أيَّامٍ، وكان ذلك بعد فتح بيت المقدس (ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ) أي: كثرته، ووقع ذلك في خلافة عثمان ☺ عند فتح(3) تلك الفتوح العظيمة (حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا) استقلالًا لذلك المبلغ وتحقيرًا له (ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ) أوَّلها: قتل عثمان ☺ (ثُمَّ هُدْنَةٌ) بضمِّ الهاء وسكون الدَّال المهملة، بعدها نونٌ، صلحٌ على ترك القتال بعد التَّحرُّك فيه (تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ) وهم الرُّوم (فَيَغْدِرُونَ) بكسر الدَّال المُهمَلة (فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً) بغينٍ مُعجَمةٍ فألفٍ فتحتيَّةٍ، أي: رايةً. قال الجواليقيُّ: لأنَّها غاية المُتَّبَع، إذا وقفتْ وقفَ، وإذا مشت تبعها (تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا) فجملة ذلك تسع مئة ألفٍ وستُّون ألفًا رجلًا(4)، وعند بعضهم _فيما حكاه ابن الجوزيِّ_ «غابة» في الموضعين بمُوحَّدةٍ بدل التَّحتيَّة، وهي الأَجَمة، فشبَّه كثرة‼ الرِّماح بالأجمة. وفي حديث ذي مِخْبَرٍ _بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الموحَّدة_ عند أبي داود في(5) نحو هذا الحديث: «راية» بدل «غاية»، وفي أوَّله: «ستصالحون الرُّوم صلحًا أمنًا، ثمَّ تغزون أنتم وهم فتُنصَرون، ثمَّ تنزلون مرجًا، فيرفع رجلٌ من أهل الصَّليبِ الصَّليبَ(6) فيقول: غلب الصَّليب، فيغضب رجلٌ من المسلمين، فيقوم إليه فيدفع، فعند ذلك تغدر الرُّوم ويجتمعون للملحمة فيأتون...» فذكره. وعند ابن ماجه مرفوعًا من حديث أبي هريرة: «إذا وقعت الملاحم بعث الله بعثًا من الموالي يؤيِّد الله بهم الدِّين» وله من حديث معاذ بن جبلٍ مرفوعًا: «الملحمة الكبرى وفتح القسطنطينيَّة وخروج الدَّجَّال في سبعة أشهرٍ» وله من حديث عبد الله بن بُسْرٍ رفعه: «بين الملحمة وفتح المدينة ستُّ سنين، ويخرج الدَّجَّال في السَّابعة» وإسناده أصحُّ من إسناد حديث معاذٍ.
          ورواة حديث الباب كلُّهم شامِّيُّون إلَّا شيخ المؤلِّف فمكِّيٌّ.


[1] في (د): «الزَّبر».
[2] في (م): «المقرَّبة»، وهو تحريفٌ.
[3] «فتح»: ليس في (ص).
[4] في (ب) و(س): «ألف رجلٍ»، و«رجلًا»، ليس في (م).
[5] «في»: ليس في (د).
[6] «الصَّليب»: مثبتٌ من (د).