إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لأعطين الراية غدًا رجلًا يفتح على يديه

          3009- وبه قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) بكسر العين، البغلانيُّ قال: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدٍ القَارِيّ) بالقاف والمثنَّاة التَّحتيَّة من غير همزةٍ، مرفوعٌ صفةٌ لـ «يعقوب» أو بالجرِّ صفةٌ لـ «عبد(1)» وهو منسوبٌ لبني القارة، وهم بنو الهون بن خزيمة بن مدركة (عَنْ أَبِي حَازِمٍ) بالحاء المهملة والزَّاي، سلمة بن دينارٍ الأعرج (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (سَهْلٌ) بفتح السِّين وسكون الهاء ( ☺ ) زاد في رواية غير أبي ذرٍّ: ”يعني ابن سعد“(2) (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم يَوْمَ) غزوة (خَيْبَرَ: لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُفْتَحُ(3) عَلَى يَدَيْهِ) بالتَّثنية، وهمزة لـ «أَعطينَّ» مفتوحةٌ في «اليونينيَّة» مضمومةٌ في غيرها، وللمُستملي والحَمُّويي: ”على يده“ بالإفراد (يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ. فَبَاتَ النَّاسُ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَى) الرَّاية الموعود بها؟ بضمِّ المثنَّاة التَّحتيَّة مِن «أيُّهم» و«يُعطَى» مع فتح طائها مبنيًّا للمفعول، وللأَصيليِّ: ”أيَّهُمْ يُعْطِي“ بفتح المثنَّاة مِن «أيَّهم» وضمِّها مِن «يُعْطِي» وكسر الطَّاء (فَغَدَوْا) وللحَمُّويي والمُستملي: ”غدَوا“ (كُلُّهُمْ) على رسول الله صلعم (يَرْجُوهُ) أي: الفوز بالوعد، وحَذْف النُّون بلا ناصبٍ وجازمٍ لغةٌ فصيحةٌ، ولأبي ذَرٍّ: ”يرجونه“ (فَقَالَ) ╕ ‼، ولأبي ذَرٍّ: ”قال“: (أَيْنَ عَلِيٌّ؟) أي: ما لي لا أراه حاضرًا؟ كأنَّه صلعم استبعد غيبته عن حضرته في مثل ذلك(4) الموطن، لا سيَّما وقد قال: «لأعطينَّ الرَّاية...» إلى آخره، (فَقِيلَ): يا رسول الله، هو (يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ) قال ╕ : «فأرسِلُوا إليه» فأُتِيَ به (فَبَصَقَ) ╕ (فِي عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ فَبَرَِأَ) بفتح الرَّاء كضَرَبَ وقد تُكْسَر كعَلِم، والأُولى لأهل الحجاز كما في «الصِّحاح» أي: شُفِيَ (كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ) زاد الطَّبرانيُّ من حديث عليٍّ: فما رمدت ولا صُدِعتُ مذ دفع إليَّ النَّبيُّ صلعم الرَّاية يوم خيبر (فَأَعْطَاهُ الرَّاية، فَقَالَ) عليٌّ: (أُقَاتِلُهُمْ) بحذف همزة الاستفهام (حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا) مسلمين (فَقَالَ) ╕ : (انْفُذْ) بضمِّ الفاء وبالذَّال المعجمة، أي: امضِ (عَلَى / رِسْلِكَ) بكسر الرَّاء، أي: على هينتك (حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ) بفِنائهم (ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ) من حقِّ الله فيه(5) (فَوَاللهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا) واحدًا (خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تكُونَ(6) لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ) فتتصدَّق بها، و«حُمْر»: بضمِّ الحاء وسكون الميم، مِن ألوان الإبل المحمودة، وهي أنفَسُها وخيارها، يُضرَب بها المثل في نفاسة الشَّيء، و«أَنْ» مِن «لأَنْ يهديَ الله» مصدريَّةٌ في محلِّ رفعٍ على الابتداء، والخبر قوله: «خيرٌ لك» وكأنَّه صلعم استحسن قول عليٍّ: أقاتلهم حتَّى يكونوا مثلنا، واستحمده على ما قصده من مقاتلته إيَّاهم حتَّى يكونوا مهتدين، إعلاءً لدين الله تعالى، ومن ثمَّ حثَّه صلعم على ما نواه بقوله: «فوالله لأَنْ يهديَ الله بك...» إلى آخره.
          وهذا موضع التَّرجمة، وتأتي مباحثه في «المغازي» [خ¦4210] إن شاء الله تعالى.


[1] في (د) و(م): «عبد الله».
[2] هي في متن اليونينية، لكن اختار القسطلاني ذكرها في الشرح، فجاءت في شرحه بالسواد لا بالحمرة التي اختارها للمتن.
[3] في (ب) و(س) و(م): «يَفْتَحُ الله» وهو في «غزوة خيبر» (3973).
[4] في (ص): «هذا».
[5] «فيه»: ليس في (م).
[6] في (د) و(م): «يكون».