إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا نزلنا سبحنا

          2993- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) الفريابيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عيينة (عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بضمِّ الحاء وفتح الصَّاد المهملتَين (عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ) بفتح الجيم وسكون العين (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ) الأنصاريِّ ( ☻ قَالَ: كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا) بكسر العين، أي: طلعنا موضعًا عاليًا(1) كجبلٍ أو تلٍّ (كَبَّرْنَا) استشعارًا لكبرياء الله تعالى عندما يقع البصر على الأمكنة العالية؛ لأنَّ الارتفاع محبوبٌ للنُّفوس لما فيه من استشعار أنَّه أكبر من كلِّ شيءٍ (وَإِذَا نَزَلْنَا) إلى مكانٍ منخفضٍ كوادٍ (سَبَّحْنَا) استنباطًا من قصَّة يونس وتسبيحه في بطن الحوت، لننجو من بطن الأودية، كما نجا يونس بالتَّسبيح من بطن الحوت، وعن بعضهم: لمَّا كان التَّكبير لله عند رؤية عظيمٍ من مخلوقاته وجب أن يكون فيما انخفض من الأرض تسبيحٌ لله تعالى؛ لأنَّ تسبيحه تعالى تنزيه عن صفات الانخفاض والضَّعة، وقال ابن المُنَيِّر: ينبغي أن يكون التَّنزيه في محلِّ الانخفاض والاستعلاء؛ لأنَّ جهتي(2) العلوِّ والسُّفل كلاهما محالٌ على الحقِّ(3) تعالى، فالعلوُّ وإن كان معنويًّا لا جسمانيًّا فقد وُصِفَ به(4)، ولم يؤذن في وصفه بالانخفاض البتَّة، ولا له اسم مشتقٌّ في(5) ذلك، وقد ورد: «ينزل ربُّنا إلى سماء الدُّنيا»‼ وأوَّلناه بالمعنى، لكنَّه لم يشتقَّ له منه اسمُ المتنزِّل، بخلاف اسمِه المتعالي سبحانه وتعالى. انتهى. من «المصابيح».


[1] في (ل): «موضعًا عال».
[2] في (د): «جهة».
[3] في (د): «على الله».
[4] «فقد وُصِف به»: سقط من (د1) و(ص).
[5] في (ب) و(س): «من».