إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس

          2989- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذَرٍّ: ”حدَّثنا“‼ (إِسْحَاقُ) هو ابن منصور بن بهرام الكوسج المروزيُّ، كما رجَّحه الحافظ ابن حجرٍ، قال: (أَخْبَرَنَا(1) عَبْدُ الرَّزَّاقِ) بن هَمَّامٍ قال: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) بسكون ثانيه (عَنْ هَمَّامٍ) هو ابن منبِّهٍ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : كُلُّ سُلَامَى) بضمِّ السِّين وفتح الميم، مقصورًا: الأنملة من أنامل الأصابع (مِنَ النَّاسِ) أو كلُّ عظمٍ مجوَّفٍ من صغار العظام. قال التُّوربشتيُّ: وفي معناه: خُلِقَ الإنسان على ثلاث مئةٍ وستِّين مفصلًا، عليه أن يتصدَّق عن كلِّ مفصلٍ بصدقةٍ. وقال في «الفتح»: والمعنى: على كلِّ مسلمٍ مكلَّفٍ بعدد كلِّ مفصلٍ من عظامه صدقةٌ لله تعالى شكرًا له بأن جعل لعظامه مفاصل يتمكَّن بها من القبض والبسط، وخُصَّت بالذِّكر لما في التَّصرُّف بها من دقائق الصَّنائع الَّتي اختصَّ بها الآدميُّ. انتهى. وقال البيضاويُّ: المعنى: أنَّ على(2) كلِّ مفصلٍ من عظامٍ، يصبح سليمًا من الآفات، باقيًا على الهيئة الَّتي تتمُّ بها منافعه وأفعاله صدقةً شكرًا لمن صوَّره، ووقاه عمَّا يعتريه(3) ويؤذيه. انتهى. و«كلُّ سلامى» مبتدأٌ مضافٌ، و«من النَّاس» صفةٌ لـ «سلامى» (عَلَيْهِ صَدَقَةٌ) جملةٌ من المبتدأ والخبر خبرٌ للمبتدأ الأوَّل، فإن قلت: كان القياس أن يقول: عليها لأنَّ «السُّلامى» مؤنَّثةٌ؟ أُجِيبَ: بأنَّه جاء على وفق لفظ: «كلُّ» أو أنَّه ضمَّن لفظ «سلامى» معنى: العظم أو المفصل، وأعاد الضَّمير عليه كذلك (كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ) بنصب «كلَّ» على الظَّرفيَّة (يَعْدِلُ) المسلم المكلَّفُ، أي: يصلح بالعدل (بَيْنَ الاِثْنَيْنِ(4) صَدَقَةٌ) بفتح أوَّل «يَعدِل» وكسر ثالثه(5)، وهو مبتدأٌ، تقديره: أن يعدل، مثل قوله: تسمعُ بالمعيديِّ خيرٌ مِن أَنْ تراه (وَيُعِينُ) المسلم المكلَّف (الرَّجُلَ) أي: يساعده (عَلَى دَابَّتِهِ، فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا) الرَّاكب، وقوله: «فيحمل» بفتح المثنَّاة التَّحتيَّة وسكون الحاء المهملة (أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ) وهذا موضع التَّرجمة، فإنَّه يدخل فيه(6) الأخذ بالرِّكاب وغيره / ، و«أو» للشَّكِّ من الرَّاوي، أو للتَّنويع (وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ) يكلِّمها أخاه المسلم (صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خَطْوَةٍ) بفتح الخاء، ولأبي ذَرٍّ: ”خُطوةٍ“ بضمِّها (يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلَاةِ) ذاهبًا وراجعًا (صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ) أي: يزيل (الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ).


[1] في (م): «حدَّثنا».
[2] «على»: ليس في (د). عبارة البيضاوي: «أن على كل عظم من عظام ابن آدم يصبح سليمًا...».
[3] في غير (د) و(م): «يغيِّره». كذا في تحفة الأبرار.
[4] في (د): «اثنين».
[5] في (ج) و(ل): «ثانيه».
[6] في (ب) و(س): «فيها».