إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل

          2900- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضل بن دُكَين قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ الغَسِيلِ) هو عبد الرَّحمن بن سليمان بن عبد الله(1) بن حنظلة غسيلِ الملائكة الأنصاريُّ المدنيُّ (عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ) بضمِّ الهمزة وفتح السِّين المهملة وسكون التَّحتيَّة، ولأبي ذَرٍّ في نسخةٍ(2): ”أَسِيد“ بفتح الهمزة وكسر المهملة، وقد حكى البغويُّ الخلاف في فتح الهمزة، وقال الدوريُّ عن ابن معين: الضمُّ أصوبُ، الأنصاريِّ السَّاعديِّ (عَنْ أَبِيهِ) أبي أُسَيدٍ مالك بن(3) ربيعة بن البَدَن _بفتح الموحَّدة والمهملة، بعدها نونٌ_ شهد بدرًا وأحدًا وما بعدها(4)، وهو آخر البدريِّين موتًا ☺ أنَّه (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم يَوْمَ بَدْرٍ حِينَ صَفَفْنَا لِقُرَيْشٍ وَصَفُّوا لَنَا: إِذَا أَكْثَبُوكُمْ) بهمزةٍ مفتوحةٍ فكافٍ ساكنةٍ فمثلَّثةٍ مفتوحةٍ فموحَّدةٍ مضمومةٍ، أي: إذا دنوا منكم وقاربوكم قربًا نسبيًّا، بحيث تنالهم السِّهام، لا قربًا تلتحمون معهم به (فَعَلَيْكُمْ) أن ترموهم (بِالنَّبْلِ) بفتح النُّون وسكون الموحَّدة، جمع: نَبْلة، وهي السِّهام العربيَّة اللِّطاف، والهمزة في «أكثبوكم» لتعدية: كَثَبَ، ولذلك(5) عدَّاها إلى ضميرهم، وفي رواية أبي ذَرٍّ: ”أكتبوكم“ بالمثناة الفوقيَّة بدل المثلَّثة، والكتيبة بالمثنَّاة: القطعة العظيمة من الجيش، والجمع: الكتائب، ولعلَّ الدَّاوديُّ شرح على هذه الرِّواية، فقال: المعنى: كاثَروكم(6)، فليُتأمَّل. وإنَّما أمرهم بالرَّمي عند القرب لأنَّهم إذا رموهم على بُعْدٍ قد لا يصل إليهم، ويذهب في غير منفعةٍ، وإلى ذلك الإشارة بقوله في رواية أبي داود: «واستبقوا نَبْلكم» وليس المراد الدُّنوَّ الذي لا يليق به إلَّا المطاعنة بالرِّماح والمضاربة بالسُّيوف(7)، كما لا يخفى.


[1] في (م): «الرَّحمن» وهو خطأٌ.
[2] الذي في اليونينة أنها رواية أبي ذر والحمويي.
[3] زيد في (د) و(م): «أبي» وهو خطأٌ.
[4] في (ب): «بعدهما».
[5] في (م): «لذا».
[6] في (ص): «أكثروهم».
[7] في (ص): «بالسَّيف».