إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: عجبت من قوم من أمتي يركبون البحر كالملوك

          2894- 2895- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ) محمَّد بن الفضل عارم البصريُّ السَّدوسيُّ قال: (حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ) أي: ابن درهمٍ (عَنْ يَحْيَى) بن سعيدٍ الأنصاريِّ (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ) بفتح الحاء المهملة وتشديد الموحَّدة، ابن منقذٍ الأنصاريِّ المدنيِّ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ☺ ) أنَّه (قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ حَرَامٍ) بنتُ مِلْحانَ خالةُ أنسٍ (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ) أي: نام في الظَّهيرة (يَوْمًا فِي بَيْتِهَا، فَاسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ) من الفرح (قَالَتْ) ولأبي ذَرٍّ: ”قلت“ بدل «قالت»: (يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا يُضْحِكُكَ؟ قَالَ: عَجِبْتُ مِنْ قَوْمٍ مِنْ أُمَّتِي) وسقط للمُستملي قوله «من قومٍ» (يَرْكَبُونَ البَحْرَ كَالمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ) في الدُّنيا؛ لسعة حالهم واستقامة أمرهم، أو في الجنَّة (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: أَنْتِ مَعَهُمْ) ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ: ”منهم“ (ثُمَّ نَامَ، فَاسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ. فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ) القول الأوَّل (مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَيَقُولُ) مجيبًا لها: (أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ) الَّذين يركبون البحر (فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ) أي: بعد ذلك، وظاهر قوله في رواية إسحاق في أوَّل «الجهاد» [خ¦2788] «وكانت أمُّ حرامٍ تحت عبادة بن الصَّامت، فدخل عليها رسول الله صلعم » أنَّها كانت زوجته قَبْلُ، وهو محمولٌ على أنَّ قوله: وكانت تحت عبادة، جملةٌ معترضةٌ، قُصِدَ بها وصفها بذلك غير مقيَّد بحال، كما سبق في «باب غزو المرأة» [خ¦2878] (فَخَرَجَ بِهَا إِلَى الغَزْوِ) وزاد في أوَّل «الجهاد» [خ¦2788] عن إسحاق: فركِبَتِ البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان‼، أي: لمَّا غزا قبرص في البحر سنة ثمانٍ وعشرين (فَلَمَّا رَجَعَتْ قُرِّبَتْ دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَوَقَعَتْ، فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا) أي: فماتت(1).
          وهذا الحديث قد سبق مرَّاتٍ [خ¦2788] [خ¦2799] [خ¦2877].


[1] في (م): «ماتت».